التابعي من السنة كذا ففيه وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب الطبري الصحيح منهما والمشهور انه موقوف على بعض الصحابة: والثاني انه مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه مرفوع مرسل: وإذا قال التابعي أمرنا بكذا قال الغزالي يحتمل ان يريد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر كل الأمة فيكون حجة ويحتمل أمر بعض الصحابة لكن لا يليق بالعالم أن يطلق ذلك إلا وهو يريد من تجب طاعته فهذا كلام الغزالي: وفيه إشارة إلى خلاف في أنه موقوف أو مرفوع مرسل: أما إذا قال الصحابي كنا نفعل كذا أو نقول كذا أو كانوا يقولون كذا ويفعلون كذا أو لا يرون بأسا بكذا أو كان يقال أو يفعل كذا فاختلفوا فيه هل يكون مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا: فقال المصنف في اللمع إن كان ذلك مما لا يخفى في العادة كان كما لو رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره فيكون مرفوعا: وان جاز خفاء عليه صلى الله عليه وسلم يكن مرفوعا كقول بعض الأنصار كنا نجامع فنكسل ولا نغتسل فهذا لا يدل على عدم وجوب الغسل من الاكسال (1) لأنه يفعل سرا فيخفى:
وقال غير الشيخ إن أضاف ذلك إلى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مرفوعا حجة كقوله كنا نفعله في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في زمنه أو وهو فينا أو وهو بين أظهرنا: وإن لم يضفه فليس بمرفوع وبهذا قطع الغزالي في المستصفى وكثيرون: وقال أبو بكر الإسماعيلي وغيره لا يكون مرفوعا اضافه أو لم يضفه * وظاهر استعمال كثيرين من المحدثين وأصحابنا في كتب الفقه انه مرفوع مطلقا سواء أضافه أو لم يضفه وهذا قوى فان الظاهر من قوله كنا نفعل أو كانوا يفعلون الاحتجاج به وانه فعل على وجه يحتج به ولا يكون ذلك إلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغه: قال الغزالي وأما قول التابعي كانوا يفعلون فلا يدل على فعل جميع الأمة بل على البعض فلا حجة فيه الا ان يصرح بنقله عن أهل الاجماع: وفي ثبوت الا جماع بخبر الواحد كلام (قلت) اختلفوا في ثبوت الاجماع بخبر الواحد فاختيار الغزالي انه لا يثبت وهو قول أكثر الناس: وذهب طائفة إلى ثبوته وهو اختيار الرازي * فصل الحديث المرسل لا يحتج به عندنا وعند جمهور المحدثين وجماعة من الفقهاء وجماهير أصحاب الأصول والنظر وحكاه الحاكم أبو عبد الله بن البيع عن سعيد بن المسيب ومالك وجماعة أهل الحديث والفقهاء الحجاز:
وقال أبو حنيفة ومالك في المشهور عنه واحمد وكثيرون من الفقهاء أو أكثرهم يحتج به ونقله الغزالي عن الجماهير: وقال أبو عمر بن عبد البر وغيره ولا خلاف انه لا يجوز العمل به إذا كان مرسله غير متحرز يرسل عن غير الثقات. ودليلنا في رد المرسل مطلقا انه إذا كانت رواية المجهول المسمى لا تقبل لجهالة حاله فرواية المرسل أولي لان المروى عنه محذوف مجهول العين والحال: ثم إن مرادنا بالمرسل هنا ما انقطع اسناده