المسألة أكثر أصحابنا وكذا أطلقها الشافعي في الأم وقال صاحب التهذيب نص الشافعي أن الماء ينجس فقال صاحب التلخيص هو على اطلاقه ومنهم من قال صورته أن يكون رآه قبل البول غير متغير ثم رآه عقبه متغيرا فإن لم يكن رآه قبل البول أو رآه وطال عهده فهو على طهارته هذا كلام صاحب التهذيب * وقال القفال في شرح التلخيص قال أصحابنا صورة المسألة أنه رأى الحيوان يبول في الغدير فلما انتهى إلى شط الغدير فوجده متغيرا فأما إذا انتهي إليه فوجده غير متغير فتغير بعد ذلك فلا يحكم بنجاسته بل يستعمله * وذكر الدارمي أنه لو رأى نجاسة حلت في ماء فلم تغيره فمضي عنه ثم رجع فوجده متغيرا لم يتطهر به وهذا الذي ذكره فيه نظر والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (وان رأى هرة أكلت نجاسة ثم وردت على ماء قليل فشربت منه ففيه ثلاثة أوجه أحدها تنجسه لأنا تيقنا نجاسة فمها: والثاني ان غابت ثم رجعت لم ينجس لأنه يجوز أن تكون وردت على ماء فطهرها فلا تنجس ما تيقنا طهارته بالشك: والثالث لا ينجس بحال (1) لأنه لا يمكن الاحتراز منها فعفى عنه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انها من الطوافين عليكم أو الطوافات) * (الشرح) هذه الأوجه مشهورة ودلائلها كما ذكره المصنف وأصحها عند الجمهور الوجه الثاني وهو انها ان غابت وأمكن ورودها على ماء كثير بحيث إذا ولغت فيه طهر فمها ثم رجعت فولغت لم ينجس ما ولغت فيه وان ولغت قبل أن تغيب أو بعد أن غابت ولم يمكن ورودها على الماء الموصوف نجسته: ودليل هذا الصحيح انها إذا غابت ثم ولغت فقد تيقنا طهارة الماء وشككنا في نجاسة فمها فلا ينجس الماء المتيقن بالشك وإذا لم تغب وولغت فهي نجاسة متيقنة. وليس في الحديث أن الهرة كانت نجسة الفم وما يستدل به القائل بالطهارة مطلقا من عسر الاحتراز عنها لا يسلم فان العسر إنما هو في الاحتراز من مطلق الولوغ لا من ولوغ بعد تيقن النجاسة (2) وحكي عن المصنف انه صحح انها لا تنجسه (3) بحال وهذا هو الأحسن
(١٧٠)