ولآخر:
عاب التفقه قوم لا عقول لهم * وما عليه إذا عابوه من ضرر ما ضر شمس الضحى والشمس طالعة * أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر فصل في ذم من أراد بفعله غير الله تعالى اعلم أن ما ذكرناه من الفضل في طلب إنما هو في من طلبه مريدا به وجه الله تعالى لا لغرض من الدنيا ومن أراده لغرض دنيوي كمال أو رياسة أو منصب أو وجاهة أو شهرة أو استمالة الناس إليه أو قهر المناظرين أو نحو ذلك فهو مذموم * قال الله تعالى (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب *. وقال تعالى (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا) الآية: وقال تعالى (ان ربك لبالمرصاد) وقال تعالى (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء).
والآيات فيه كثيرة * وروينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال جرئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها. قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار * وروينا عن أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه الا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعنى ريحها رواه أبو داود وغيره باسناد صحيح * وروينا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تعلم علما ينتفع به في الآخرة يريد به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة: روي بفتح الياء مع فتح الراء وكسرها وروى بضم الياء مع كسر الراء وهي ثلاث لغات مشهورة: ومعناه لم يجد ريحها * وعن أنس وحذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلب العلم ليماري به السفهاء ويكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوء مقعده من النار * ورواه الترمذي من رواية كعب بن مالك وقال فيه أدخله الله النار * وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينتفع به * وعنه صلى الله عليه وسلم شرار الناس شرار العلماء * وروينا في مسند الدارمي عن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه قال. يا حملة اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم ويخالف سريرتهم علانيتهم