من الشيخ ولا يحتقرن فائدة يراها أو يسمعها في أي فن كانت بل يبادر إلى كتابتها ثم يواظب على مطالعة ما كتبه وليلازم حلقة الشيخ وليعتن بكل الدروس ويعلق عليها ما أمكن فان عجز اعتنى بالأهم ولا يؤثر بنوبته فان الايثار بالقرب مكروه فان رأى الشيخ المصلحة في ذلك في وقت فأشاربه امتثل أمره:
وينبغي أن يرشد رفقته وغيرهم من الطلبة إلى مواطن الاشتغال والفائدة ويذكر لهم ما استفاده على جهة النصيحة والمذاكرة وبارشادهم يبارك له في علمه ويستنير قلبه وتتأكد المسائل معه مع جزيل ثواب الله عز وجل ومن بخل بذلك كان بضده فلا يثبت معه وان ثبت لم يثمر: ولا يحسد أحدا ولا يحتقره ولا يعجب بفهمه وقد قدمنا هذا في آداب المعلم * فإذا فعل ما ذكرناه وتكاملت أهليته واشتهرت فضيلته اشتغل بالتصنيف وجد في الجمع والتأليف محققا كل ما يذكره متثبتا في نقله واستنباطه متحريا ايضاح العبارات وبيان المشكلات مجتنبا العبارات الركيكات: والأدلة الواهيات: مستوعبا معظم أحكام ذلك الفن غير مخل بشئ من أصوله منبها على القواعد فبذلك تظهر له الحقائق وتنكشف المشكلات ويطلع على الغوامض وحل المعضلات ويعرف مذاهب العلماء والراجح من المرجوح ويرتفع عن الجمود على محض التقليد ويلتحق بالأئمة المجتهدين أو يقاربهم إن وفق لذلك وبالله التوفيق * فصل في آداب يشترك فيها العالم والمتعلم ينبغي لكل واحد منهما أن لا يخل بوظيفته لعروض مرض خفيف ونحوه مما يمكن معه الاشتغال ويستشفى بالعلم ولا يسئل أحدا تعنتا وتعجيزا: فالسائل تعنتا وتعجيزا لا يستحق جوابا وفي الحديث النهى عن غلوطات (1) المسائل وان يعتنى بتحصيل الكتب شراء واستعارة ولا يشتغل بنسخها ان حصلت بالشراء لان الاشتغال أهم الا ان يتعذر الشراء لعدم الثمن أو لعدم الكتاب مع نفاسته فيستنسخه والا فلينسخه ولا يهتم بتحسين الخط بل بتصحيحه: ولا يرتضى مع امكان تحصيله ملكا فان استعاره لم يبطئ به لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه ولئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه ولئلا يمتنع من اعارته غيره وقد جاء في ذم الابطاء برد الكتب المستعارة عن السلف أشياء كثيرة نثرا ونظما: ورويناها في كتاب الخطيب الجامع لا خلاق الراوي والسامع: منها عن الزهري إياك وغلول الكتب وهو حبسها عن أصحابها: وعن الفضيل ليس من أفعال أهل الورع ولا من أفعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه. قال الخطيب وبسبب حبسها امتنع غير واحد من اعارتها: ثم روى في ذلك