عن أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة قال سمعت المزني يقول كنت في تأليف هذا الكتاب عشرين سنة وألفته ثمان مرات وغيرته وكنت كلما أردت تأليفه أصوم قبله ثلاثة أيام وأصلي كذا وكذا ركعة: وقال الشافعي لو ناظر المزني الشيطان لقطعه وهذا قاله الشافعي والمزني في سن الحداثة ثم عاش بعد موت الشافعي ستين سنة يقصد من الآفاق وتشد إليه الرحال حتى صار كما قال أحمد بن صالح لو حلف رجل انه لم ير كالمزني لكان صادقا: وذكروا من مناقبه في أنواع طرق الخير جملا نفيسة لا يحتمل هذا الموضع عشر معشارها وهي مقتضي حاله وحال من صحب الشافعي توفى المزني بمصر ودفن يوم الخميس آخر شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين: قال البيهقي يقال كان عمره سبعا وثمانين سنة فهذه نبذة من أحوال البويطي والمزني ذكرتها تنبيها للمتفقه ليعلم محلهما وقد استقصيت أحوالهما بأبسط من هذا في تهذيب الأسماء وفي الطبقات وبالله التوفيق * وقوله قال في البويطي معناه قال الشافعي في الكتاب الذي رواه البويطي عن الشافعي فسمي الكتاب باسم مصنفه مجازا كما يقال قرأت البخاري ومسلما والترمذي والنسائي وسيبويه ونظائرها والله أعلم (فرع) في مسائل تتعلق بالباب إحداها قال الشافعي رحمه الله في الأم إذا وقع في الماء قطران فتغير به ريحه جاز الوضوء به ثم قال بعده بأسطر إذا تغير بالقطران لم يجز الوضوء به كذا رأيته في الأم وكذا نقله القاضي أبو الطيب والمحاملي في المجموع وعكسه الشيخ أبو حامد والمحاملي في التجريد وغيرهما فقدموا النص المؤخر ولعل النسخ مختلفة في التقديم والتأخير قال الشيخ أبو حامد والأصحاب ليست على قولين بل على حالين فقوله يجوز أراد إن لم يختلط بل تغير بمجاوره: وقوله لا يجوز يعنى إذا اختلط وقيل القطران ضربان مختلط وغيره قال الماوردي وقال بعض أصحابنا هما قولان وهذا غلط (الثانية) قال الماوردي الماء الذي ينعقد منه ملح إن بدأ في الجمود وخرج عن حد الجاري لم تجز الطهارة به وإن كان جار يا فهو ضربان ضرب يصير ملحا لجوهر التربة كالسباخ التي إذا حصل فيها مطر أو غيره صار ملحا جازت الطهارة به: وضرب يصير ملحا لجوهر الماء كأعين الملج التي ينبع ماؤها مائعا ثم يصير ملحا جامدا فظاهر مذهب الشافعي وما عليه جمهور أصحابه جواز الطهارة لان اسم الماء يتناوله في الحال وان تغير في وقت آخر كما يجمد الماء فيصير جمدا: وقال أبو سهل الصعلوكي لا يجوز لأنه جنس آخر كالنفط وكذا نقل القاضي حسين وصاحباه
(١٠٨)