صلوا الصلوات بتلك الطهارة ففي المسألة ثلاثة أوجه حكاها الخراسانيون أصحها وهو قول ابن الحداد وبه قطع المصنف وسائر العراقيين والمتولي من الخراسانيين انه يصح لكل واحد الصلاة التي أم فيها والاقتداء الأول ويبطل الاقتداء الثاني والوجه الثاني * يصح لكل واحد التي أم فيها فقط ولا يصح له اقتداء أصلا وهذا قول أبي العباس بن القاص صاحب التلخيص لان المقتدى يعتقد ان أحد امامية محدث فهو شاك في أهلية كل واحد منهما للإمامة فأشبه الخنثى وهذا القياس على الخنثى ضعيف: والفرق ان صاحب الاناء الذي هو الامام يظن أهليته للإمامة باجتهاده بخلاف الخنثى فإنه لا يظن أهلية نفسه لامامة الرجال فنظير صاحب الاناء أن يكون الخنثى قد ظن كونه رجلا بعلامة كالبول وغيره أو بميله إلى النساء وحينئذ يصح اقتداء الرجل به قطعا: والوجه الثالث وهو قول أبي إسحاق المروزي يصح لكل واحد التي أم فيها ويصح الاقتداء الأول ان اقتصر عليه فلو اقتدى بعد ذلك بالآخر بطلت احدى صلاتيه خلفهما لا بعينها فيلزمه اعادتهما كمن نسي صلاة من صلاتين فاتفق ابن القاص والمروزي على وجوب إعادة الصلاتين إذا اقتدى اقتداءين واختلفا إذا اقتصر على اقتداء فأوجب الإعادة ابن القاص لا المروزي واتفق ابن الحداد والمروزي على صحة الاقتداء الأول إذا اقتصر عليه واختلفا إذا اقتدى ثانيا فقال ابن الحداد يتعين الثاني للبطلان:
وقال المروزي يجب اعادتهما جميعا وعلى الأوجه كلها يصح لكل واحد الصلاة التي أم فيها بلا خلاف وشذ صاحب البيان فحكي وجها أن صلاة امام العصر في المثال المذكور باطلة في حقه لأنه لما صلى خلف امامي الصبح والظهر صار كأنه اعترف بأنهما الطاهران فيعين هو للنجاسة: وهذا خيال عجيب وعجب ممن قال هذا وكيف يقال هذا فإنه لو اعتقد نفسه نجسا كانت صلاته كلها سواء وهذا الوجه خطأ صريح وإنما اذكر مثله للتنبيه على بطلانه لئلا يغتر به ثم لا تفريع عليه وما أذكره بعد هذا تفريع على المذهب قال أصحابنا ولو اشتبهت أو ان والطاهر واحد والباقي نجسات فصلاة كل امام صحيحة فيما أم فيه باطلة في الاقتداء كله خلافا لأبي ثور كما سبق ولو كان الطاهر اثنين والنجس اثنين وصلى كل واحد صلاة فصلاة الأئمة صحيحة بلا خلاف وأما الاقتداء ففيه الأوجه فعلى قول ابن الحداد وهو الأصح صلاة الصبح صحيحة للجميع وصلاة الظهر صحيحة لامامها وامام الصبح باطلة في حق الباقين وصلاتا العصر والمغرب صحيحتان لإماميهما باطلة للمأمومين