أن يجئ ذاك الوجه هنا وهو أولى: وإن لم يبق من الذي ظن طهارته شئ ففي وجوب إعادة الاجتهاد في الآخر طريقان أحدهما أنه على الوجهين فيما إذا انقلب أحد الإنائين قبل الاجتهاد هل يجتهد في الباقي وقد سبق: وبهذا الطريق قطع المتولي: والثاني وهو المذهب لا يعيد الاجتهاد وجها واحدا وبهذا قطع الماوردي والبغوي والرافعي وغيرهم إذا عرفت هذه المقدمة فدخل وقت صلاة أخرى فأعاد الاجتهاد: فان ظن طهارة الأول فلا اشكال فيتوضأ ببقيته إن كان منه بقية ويصلي. وان ظن طهارة الثاني فقد نقل المزني عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال لا يتوضأ بالثاني ولكن يصلى بالتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بالتيمم وكذا نقل حرملة عن الشافعي أنه لا يتوضأ بالثاني فقال جمهور الأصحاب الذي نقله المزني وحرملة هو المذهب: وقال أبو العباس بن سريج هذا الذي نقله المزني لا يعرف للشافعي وقد غلط المزني على الشافعي والذي يجئ على قياس الشافعي أنه يتوضأ بالثاني كالقبلة. واتفق جمهور أصحابنا المصنفين في الطريقتين على أن الصواب والمذهب ما نقله المزني وحرملة: وان ما قاله أبو العباس ضعيف وضعفوه بما ضعفه به المصنف وهو ظاهر: قال الشيخ أبو حامد في تعليقه أبي أصحابنا أجمعون ما قاله أبو العباس قال وقالوا هذا من زلات أبي العباس قال قال أبو الطيب بن سلمة ما غلط المزني لان الشافعي نص على هذا في حرملة قال أبو حامد لا يحتاج إلى حرملة فان الشافعي نص عليها في الأم (1) في باب الماء يشك فيه: وقال صاحب الحاوي مذهب الشافعي وما عليه جمهور أصحابه انه لا يجوز استعمال بقية الأول ولا يجوز استعمال الثاني وخالفهم أبو العباس: وكذا قال المحاملي خالف سائر أصحابنا أبا العباس في هذا: وقالوا المذهب انه لا يتوضأ بالثاني فهذا كلام أعلام الأصحاب: وقد جزم جماعة من المصنفين بالمنصوص منهم القاضي حسين والبغوي وآخرون ولم يعرجوا على قول أبي العباس لشدة ضعفه وشذ الغزالي عن الأصحاب أجمعين فرجح قول أبي العباس وليس بشئ فلا يغتر به: قال أصحابنا فان قلنا بقول أبي العباس توضأ بالثاني ولا بد من ايراد الماء على جميع المواضع التي ورد عليها الماء الأول لئلا يكون مستعملا للنجاسة بيقين: وممن صرح بهذا الفوراني
(١٨٩)