سببه فقد شرط القصر وهو نية القصر عند الاحرام بالصلاة وهذا سؤال حسن: والجواب أن صورته أن يحرم بالصلاة مطلقا وتحصل به الدلالة من وجهين أحدهما أن الحكم وهو اتمام الصلاة معلل بعلتين إحداهما اجتماع الحضر والسفر: والثانية فقد نية القصر والوجه الثاني أن مراد الأصحاب إلزام أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه وافقنا على وجوب الاتمام في هذه المسألة ومذهبه أن القصر عزيمة لا يحتاج إلى نية فليس لوجوب الاتمام عنده سبب الا اجتماع الحضر والسفر فأوجب الاتمام تغليبا للحضر فينبغي أن يكون المسح مسح مقيم تغليبا للحضر * والله أعلم * (فرع) إذا مسح أحد خفيه في الحضر ثم سافر ومسح الآخر في السفر فهل يمسح مسح مقيم أم مسافر فيه وجهان أحدهما مسح مسافر وبه قطع القاضي حسين والبغوي والرافعي قال القاضي وضابط ذلك أنه متى سافر قبل كمال الطهارة مسح مسح مسافر لأنه لم يتم المسح في الحضر فكأنه لم يأت بشئ منه والوجه الثاني مسح مقيم وبه قطع المتولي وصححه الشاشي وهو الصحيح أو الصواب لأنه تلبس بالعبادة في الحضر واجتمع فيها الحضر والسفر فغلب حكم الحضر وهذه العلة التي اعتمدها الأصحاب في أصل المسألة كما سبق والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * (وان مسح في السفر ثم أقام أتم مسح مقيم وقال المزني إن مسح يوما وليلة يمسح ثلث يومين وليلتين وهو ثلثا يوم وليلة لأنه لو مسح ثم أقام في الحال مسح ثلث ما بقي وهو يوم وليلة فإذا بقي له يومان وليلتان وجب أن يمسح ثلثهما ووجه المذهب أنه عبادة تتغير بالسفر والحضر فإذا اجتمع فيها السفر والحضر غلب حكم الحضر ولم يسقط عليهما كالصلاة) (الشرح) مذهب الشافعي رحمه الله الذي لا خلاف فيه بين أصحابه أنه إذا مسح في السفر ثم أقام أتم مسح مقيم فإن كان قد مضى بعد الحدث دون يوم وليلة تممهما وإن كان مضى يوم وليلة وأكثر في السفر انقضت المدة بمجرد قدومه وحكم انقضاء المدة معروف قال أصحابنا فإن كان مسح في السفر أكثر من يوم وليلة ثم قدم فصلواته في السفر كلها صحيحة بلا خلاف وإنما يحكم بانقضاء المدة بالقدوم قالوا ولو قدم في أثناء الصلاة في سفينة بعد مضى يوم وليلة في السفر بطلت صلاته بمجرد القدوم بلا خلاف لان انقضاء المدة في أثناء الصلاة يبطلها فإنه يوجب غسل القدمين أو كمال الوضوء قال الشافعي رضي الله عنه في الأم والأصحاب ولو نوى المسافر الإقامة وهو في أثناء الصلاة بعد مضى يوم وليلة بطلت صلاته وإن كان قبل مضيها لم تبطل ودليل أصل المسألة
(٤٨٩)