لاحتمال الأمر، للشك في اعتبار ما زاد على ذلك، فيدفع بإطلاق الخطابات اللفظية فضلا عن المقامية، فإن اعتباره في الإطاعة لما كان على خلاف الطريقة العرفية لاكتفائهم فيها بتحقيق المأمور به بأي وجه اتفق كان السكوت عنه في أدلة الأحكام ظاهرا في عدم اعتباره.
على أنه مقتضى الأصل الجاري في جميع ما يحتمل دخله في المأمور به والغرض، على ما حقق نظيره في مبحث التعبدي والتوصلي.
ومنه يظهر عدم اعتبار قصد الوجه في العبادة، واتفاق المتكلمين عليه - لو تم - لا ينهض بإثباته، خصوصا مع ظهور كلمات بعضهم في توقف الثواب عليه، الذي هو أجنبي عما نحن فيه.
بل قد يظهر منه أن ذكره لبيان عدم ترتب الثواب على الفعل في ظرف الاتيان به بدواع أخر لا دخل للمولى بها، فيرجع إلى اعتبار القربية في الثواب لا غير.
وأما تقديم الإطاعة التفصيلية على الاجمالية والاحتمالية، فلا أصل له إن أريد بالإطاعة ما يساوق العبادية، وإن أريد بها ما يقابل المعصية فهو خلاف المقطوع به، إذ لا ريب في كفاية موافقة المأمور به كيف اتفق في التوصليات.
نعم، مع تنجز التكليف لا مجال للاكتفاء بالاحتمالية في مقام الظاهر، بحيث لا يعلم معها الفراغ عنه حتى في التوصليات، وهو أجنبي عما نحن فيه مما فرض فيه كون الإطاعة الاحتمالية سببا للعلم بالفراغ عن التكليف على تقدير وجوده، وإنما كانت الإطاعة احتمالية لكون أصل التكليف احتماليا.
وأما ما دل على وجوب تعلم الأحكام، فهو ظاهر في الوجوب المولوي الطريقي، محافظة على التكاليف الواقعية، أو الوجوب الارشادي لتنجز الأحكام قبل الفحص عقلا، فلا يمنع من موافقتها بالاحتياط.
نعم، لو كان ظاهرا في تقييد المأمور به بلزوم قيام الحجة عليه كان ملزما بتحصيل الحجة بالاجتهاد أو التقليد، وعدم الاكتفاء بالاحتياط، وكذا لو كان ظاهرا في وجوب التعلم نفسيا، وكلاهما خلاف ظاهر الأدلة المذكورة.