ثم لا خلاف بين الأمة أن هذا الخبر ليس على ظاهره لأن ظاهره يقتضي ما أجمع المسلمون على خلافه، ألا ترى أن رجلا لو مات وخلف بنتا وأخا وأختا فمن قولهم أجمع أن للبنت النصف، وما بقي فللأخ والأخت " للذكر مثل حظ الأنثيين " والخبر يقتضي أن ما يبقى للأخ لأنه الذكر، وكذلك لو أن رجلا مات وترك بنتا وابنة ابن وعما أن يكون النصف للبنت، وما بقي للعم لأنه أولى ذكر، ولا تعطى بنت الابن شيئا، وكذلك في أخت لأب وأخت لأب وأم وابن عم، أنه لا تعطى الأخت للأب شيئا بل تعطى التي من قبل الأب والأم النصف، وما يبقى لابن العم لأنه أولى ذكر، وكذلك في بنت وابن ابن وبنت ابن، وكذلك في بنت ابن وإخوة وأخوات لأب وأم وأمثال ذلك كثيرة جدا.
فإن قالوا: جميع ما ذكرتموه لا يلزمنا منه شئ لأنا لم نقل في هذه المواضع إلا لظواهر دلت عليه صرفتنا عن استعمال الخبر فيه، ألا ترى أن البنت مع بنت الابن والعم إنما أعطينا بنت الابن السدس لأن الظواهر تقتضي أن للبنتين الثلثين، وإذا علمنا أن للبنت من الصلب النصف علمنا أن ما يبقى وهو السدس لبنت الابن، وكذلك القول في الأخت للأب والأم والأخت للأب والعم، وكذلك في بنت وبنت ابن، وابن ابن، لأن للأختين الثلثين وقد علمنا أن للأخت من قبل الأب والأم النصف، علمنا أن ما يفضل وهو السدس للأخت من قبل الأب، وكذلك قوله: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، يقتضي أن بنت الصلب وبنت الابن وابن الابن المال بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا علمنا أن للبنت من الصلب النصف علمنا أن ما يبقى للباقين على ما فرض الله.
قيل لهم: هذا باطل لأن الموضع الذي تناول أن للأختين الثلثين اقتضى أن لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، وليس فرض كل واحدة منهما مع الانضمام فرضها مع الانفراد، وكذلك القول في البنت للصلب مع بنت الابن، فإن كان الظاهر يتناولهما فوجب أن يقتضي أن لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، فإذا لم يقولوا ذلك علمنا أنهم مناقضون، وكذلك القول في المسائل