من قبل الأب شئ، وهذا وجه صحيح.
وليس يلزمنا أن نتناول الخبر على ما يوافق الخصم عليه، لأنه لو كان كذلك لما جاز تأويل شئ من الأخبار المخالفة من يخالف في ذلك، وقد ألزم القائلون بالعصبة من الأقوال الشنيعة ما لا يحصى، ذكرنا بعضها في تهذيب الأحكام، من ذلك أن يكون الولد الذكر للصلب أضعف سببا من ابن ابن ابن العم بأن قيل لهم: إذا قدرنا أن رجلا مات وخلف ثمانية وعشرين بنتا وابنا كيف يقسم المال؟
فمن قول الكل أن للابن جزءين من ثلاثين، ولكل واحدة من البنات جزء من ثلاثين، وهذا بلا خلاف.
فقيل لهم: فلو كان بدل الابن ابن ابن ابن العم؟ فقالوا: إن لابن ابن ابن العم عشرة أسهم من ثلاثين سهما وعشرين جزء الثمانية وعشرين بنتا وهذا على ما ترى تفضيل للبعيد على الولد للصلب، وفي ذلك خروج من العرف والشريعة وترك لقوله تعالى: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض، وما يجري هذا المجرى من الإلزامات والمعارضات فمن أرادها وجدها هناك.
وأما الكلام على الخبر الثاني فقيل: إن رواية رجل واحد، وهو عبد الله بن محمد بن عقيل وهو عندهم ضعيف، ولا يحتجون بحديثه وهو منفرد بهذه الرواية، ومع هذا فهي معارضة لظاهر القرآن.
وأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: وإني خفت الموالي، فإنما هو تأويل على خلاف الظاهر، وذلك أنه لم يكن له بنو العم فيرثون بسبب ذوي الأرحام لا بسبب العصبة لأنه لو لم يكن بنو العم وكان بدلهم بنات العم لورثته بسبب ذوي الأرحام، فليس في هذا ما يدل على العصبة.
وأما قولهم: إنه سأل وليا ولم يسأل وليه فإنما ذلك لأن الخلق كلهم يرغبون في البنين دون البنات، فهو صلى الله عليه وآله إنما سأل ما عليه طبع البشر، ولو كان يعلم أنه لو ولد له أنثى لم يكن يرث العصبة البعدى مع الولد