وإذا أقر انسان بقتل يوجب القود وأقر آخر بذلك القتل خطأ كان ولي الدم بالخيار بين قتل المقر بالعمد ولا شئ لهم على الآخر وبين أخذ الدية منهما نصفين والقود على المباشر للقتل دون الآمر به أو المكره عليه، وقد روي: أن الأمر إن كان سيد العبد وكان معتادا لذلك قتل السيد وخلد العبد الحبس فإن كان قادرا قتل العبد وخلد السيد الحبس.
وإذا اجتمع ثلاثة في قتل فأمسك أحدهم وضرب الآخر وكان الثالث عينا لهم قتل القاتل وخلد الممسك الحبس وسملت عينا الرقيب، وإذا قتل السيد عبده بالغ السلطان في تأديبه وأغرمه قيمته وتصدق بها، فإن كان معتادا لقتل الرقيق مصرا عليه قتل لفساده في الأرض لا على وجه القصاص، وكذلك لو كان معتادا قتل أهل الذمة، ولا يستقيد إلا سلطان الاسلام أو من يأذن له في ذلك وهو ولي من ليس له ولي من أهله يقتل بالعمد أو يأخذ الدية ويأخذ دية الخطأ ولا يجوز له العفو كغيره من الأولياء ولا يستقاد إلا بضرب العنق، ولا يجوز القتل بغير الحديد وإن كان هو فعل ذلك.
وقصاص الطرف يدخل في قصاص النفس وكذلك ديته تدخل في دية النفس وقيل: لا تدخل، فإن من قطع يده أو قلع عينه ثم قتله بفعل آخر فعل به مثل ذلك ثم قتل لظاهر قوله تعالى: والجروح قصاص، وقوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم.
وأما الضربان الآخران من القتل ففيهما الدية على ما سيأتي، وأما ما عدا القتل من الجناية فيعتبر في القصاص منه مع الشروط المذكورة شرطان آخران: أحدهما أن يكون ما فعله الجاني مما لا يرجى صلاحه كقطع اليد وقلع العين وذهاب ضوئها ونحو ذلك، والثاني: أن لا يخاف بالاقتصاص به تلف نفس المقتص منه.
ومتى اقتص بجرح أو نحوه قبل اليأس من صلاحه فبرأ أحدهما ولم يبرأ الآخر عند القصاص عليه إن كان باذنه وإن كان بغير إذنه رجع المقتص منه على المعتدي دون المجني عليه، وإذا لم يتعد المقتص المشروع له ومات المقتص منه لم يكن عليه