قلنا: على مذهبنا لا يجوز أن يكفر الذنب شئ من أفعال الخير ويجوز أن يتفضل الله تعالى بإسقاط عقابها كما قال ع: من يعف الله عنه.
وقوله: فمن تصدق به، " من " لصاحب الحق والذي له أن يطلب القصاص والضمير في " به " لحقه، يقول: ولي المقتول ومن جرح أو أصيب عضو منه إن عفا واحد منهم عن حقه ولم يطالب بالقصاص أو الدية " فهو " - أي فعله ذلك وتركه لحقه - كفارة له، أي يكفر الله له ذنوبه فلا يؤاخذه بها، وقال ابن عباس: إنه كفارة للحامي، أي يسقط عنه الولي والمخرج القود والقصاص عن القاتل والجارح. والأول أوجه.
فصل:
وأما قوله: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون، إلى قوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله.
العفو في الآية المراد به ما يتعلق بالإساءة إلى نفوسهم الذي له الاختصاص بها فمتى عفوا عنها كانوا ممدوحين، وأما ما يتعلق بحقوق الله وحدوده فليس للإمام تركها ولا العفو عنها ولا يجوز له عن المرتد وعمن يجري مجراه.
" وجزاء سيئة سيئة مثلها " يحتمل أن يكون المراد ما جعل الله لنا الاقتصاص منه من " النفس بالنفس والعين بالعين... الآية " فإن المجني عليه (له) أن يفعل بالجاني مثل ذلك من غير زيادة، وسماه سيئة للازدواج كما قال: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ثم مدح العافي بماله أن يفعله فقال: فأجره على الله، أي فجزاؤه عليه وهو سبحانه يثيبه على ذلك " إنه لا يحب الظالمين " أي لم أرغبكم في العفو عن الظالم لأني أحبه بل لأني أحب الإحسان والعفو.
ثم أخبر أن من انتصر بعد أن تعدى عليه فليس عليه سبيل، قال قتادة " بعد ظلمه " فيما يكون فيه القصاص بين الناس في النفس أو الأعضاء أو الجرح، فأما غير ذلك فلا يجوز أن يفعل بمن ظلمه.
وقال قوم: إن له أن ينتصر على يد سلطان عادل بأن يحمله إليه ويطالبه بأخذ حقه منه