الكافر وإن كان مؤمنا فديته دية المؤمن، هذا هو المذهب، ويجوز أن يكون " كان " تامة في أول الآية من قوله " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ " أي ما وقع قتل مؤمن لمؤمن إلا قتلا خطأ.
فصل:
ثم قال تعالى: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، اختلفوا في معناه: فقال قوم:
يعني فمن لم يجد الرقبة المؤمنة كفارة عن قتله المؤمن خطأ لإعساره فعليه صيام شهرين متتابعين، وقال آخرون: فمن لم يجد الدية فعليه صوم شهرين عن الدية والرقبة، وقال مسروق: تأويل الآية فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهله فعليه صوم شهرين متتابعين، والأول هو الصحيح لأن دية قتل الخطأ على العاقلة والكفارة على القاتل بإجماع الأمة على ذلك.
وصفة التتابع في الصوم أن يتابع الشهرين لا يفصل بينهما بإفطار يوم على ما قدمناه في باب الكفارة.
ثم قال: توبة من الله، وهو نصب على القطع، ومعناه رخصة من الله لكم إلى التيسير عليكم بتخفيفه ما خفف عنكم من فرض تحرير رقبة مؤمنة بإيجاب صوم شهرين متتابعين.
قال الجبائي: إنما قال " توبة من الله " لأنه تعالى بهذه الكفارة التي يلزمها يدرأ العقاب والذم عن القاتل لأنه يجوز أن يكون عاصيا في السبب وإن لم يكن عاصيا في القتل من حيث أنه رمى في موضع هو منهي عنه وإن لم يقصد القتل، وهذا ليس بشئ لأن الآية عامة في كل قاتل خطأ وما ذكره ربما اتفق في الآحاد.
وإلزام دية قتل الخطأ للعاقلة ليس هو مؤاخذة البرئ بالسقيم فإن ذلك ليس بعقوبة بل هو حكم شرعي تابع للمصلحة، ولو خلينا والعقل ما أو جبنا، وقد قيل: إن ذلك على وجه المواساة والمعاونة.
ثم قال: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها.