قال محمد بن إدريس رحمه الله: فإن فقد المكلف للصيام جميع الدلائل التي قدمناها عد من الشهر الماضي ثلاثين يوما وصام بعد ذلك بنية الفرض، فإن ثبت بعد ذلك ببينة عادلة أنه كان قد رئي الهلال قبله بيوم قضيت يوما بدله.
والأفضل أن يصوم الانسان يوم الشك على أنه من شعبان، فإن قامت له البينة بعد ذلك أنه كان من رمضان فقد وفق له وأجزأه عنه ولم يكن عليه قضاء وإن لم يصمه فليس عليه شئ، ولا يجوز له أن يصوم ذلك اليوم على أنه من شهر رمضان ولا أن يصومه وهو شاك فيه لا ينوي به صيام يوم غير رمضان فإن صام على هذا الوجه ثم انكشف له أنه كان من شهر رمضان لم يجزئ عنه وكان عليه القضاء لأنه منهي عنه والنهي يدل على فساد المنهي عنه.
والنية واجبة على ما قدمنا القول فيه وأسلفناه وشرحناه، ويكفي في نية صيام الشهر كله أن ينوي في أول الشهر ويعزم على أن يصوم الشهر كله فإن جدد النية كل يوم على الاستئناف كان أفضل، وإن نسي أن يعزم على الصوم في أول الشهر وذكر قبل الزوال جدد النية وقد أجزأه، وإن كان الذكر بعد الزوال فإنه يجب عليه قضاء ذلك اليوم.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته: وذكر في بعض النهار جدد النية وقد أجزأه، وهذا غير واضح لأن بعد الزوال بعض النهار فلا بد من تقييد البعض ولا يجوز إطلاقه من غير تقييد.
ومن كان في موضع لا طريق له إلى العلم بالشهر فتوخى شهرا فصامه فوافق ذلك شهر رمضان أو كان بعده فقد أجزأه عن الفرض، وإن انكشف له أنه كان قد صام قبل شهر رمضان وجب عليه استئناف الصوم وقضاؤه.
والوقت الذي يجب فيه الإمساك عن المفطرات من الأكل والشرب هو طلوع الفجر المعترض الذي يجب عنده الصلاة وقد بيناه في كتاب الصلاة وأوضحناه ومحلل الأكل والشرب إلى ذلك الوقت، فأما الجماع فإنه محلل إلى قبل ذلك بمقدار ما يتمكن الانسان من الاغتسال، فإن غلب على ظنه وخشي أن يلحقه الفجر قبل الغسل لم يحل له ذلك، فإن غلب على ظنه خلاف ذلك ثم واقع أهله وطلع الفجر وهو مخالط لأهله فالواجب عليه