ولا أخبار مفصلة متواترة بالتفصيل والتخصيص. وإذا كان كذلك فالتمسك بالقرآن أولى لأن هذا مسافر بلا خلاف ومخاطب بخطاب المسافرين من تقصير صلاة وغير ذلك.
وإذا خرج الرجل والمكلف بالصيام إلى السفر فلا يتناول شيئا من الطعام أو الشراب أو غير ذلك من المفطرات إلى أن يغيب عنه أذان مصره، وقد روي: أو يتوارى عنه جدران بلده، والاعتماد على الأذان المتوسط، ويكره أن يمتلئ من الطعام ويروى من الشراب وتزيد الكراهة ويتأكد في قرب الجماع إلا عند الحاجة الشديدة إلى ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله: ولا يجوز له أن يقرب الجماع وهذا اللفظ الذي هو " لا يجوز " يحتمل تغليظ الكراهة ويحتمل الحظر. ولا دليل على الحظر لأنه غير مكلف بالصيام وهو داخل في قوله: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، وغير ذلك من الآيات المقتضية للإباحة والشئ إذا كان شديد الكراهة عندهم قالوا: لا يجوز، وهذا شئ يعرف بالقرائن والضمائم.
ويكره صيام النوافل في السفر على كل حال، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته واستبصاره، ومذهب شيخنا المفيد رحمه الله فإنه ذكر في مقنعته فقال: ولا يجوز لأحد أن يصوم في السفر تطوعا، ثم قال: وقد روي حديث في جواز التطوع في السفر بالصيام وجاءت أخبار بكراهية ذلك منها أنه ليس من البر الصيام في السفر وهي أكثر وعليها العمل عند فقهاء العصابة، فمن عمل على أكثر الروايات واعتمد على المشهور منها في اجتناب الصيام في السفر على كل وجه كان أولى بالحق والله الموفق للصواب. هذا آخر كلام المفيد، وهذا القول هو الحق والصواب لأن الأصل براءة الذمة من الواجب والمندوب. فمن ادعى تكليفا مندوبا أو واجبا فإنه يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي وإلا فالأصل عدم تكليف وهو أيضا مذهب جلة المشيخة الفقهاء من أصحابنا المحصلين فإذا كان دليل الاجماع على المسألة مفقودا لأنهم يختلفون فيها، بقي أن الأصل براءة الذمة من التكليف فمن شغلها بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل.
وصيام الثلاثة الأيام في الحج واجب في السفر كما قال الله تعالى: فصيام ثلاثة أيام في الحج، وقد وردت الرغبة في صيام ثلاثة أيام بالمدينة لصلاة الحاجة.