ونظائرها والأمثلة المذكورة فيها وعلى هذا فيترتب التعزير على فعل المعصية بما يراه الحاكم مصلحة.
وحينئذ فلو استفيد من تلك الأخبار الواردة في المعاصي الخاصة أن الملاك الكلي والمعيار الوحيد هو الذنب وإنما كان ذكر هذه الأمور من باب المثال فلا كلام وإلا فيشكل الأمر في التعزير على مطلق المعاصي.
والانصاف أن مجال الاشكال في استفادة ذلك منها واسع وذلك لوجهين:
أحدهما ما ذكره البعض من أنه لا يستفاد منها ترتب التعزير على كل ذنب من جهة اختلاف المراتب.
وهذا الاشكال وارد جدا فترى الاختلاف الفاحش في المعاصي بحسب العقوبات والفساد المرتب عليها فمنها ما يوجب الرجم، ومنها ما يوجب القتل ومنها ما يوجب القطع، ومنها ما يوجب الجلد، ومنها ما يترتب عليه عقوبة واحدة، ومنها ما يترتب عليه عقوبتان، بل وربما يختلف عقوبات أقسام من معصية واحدة وهكذا ولا شك في أن هذه الاختلافات كاشفة عن اختلاف مراتب المعاصي ومبغوضيتها وأنها ليست على نسق واحد فالقول بأن الملاك هو الذنب وأن ما ذكر في الروايات كان من باب المثال بلا خصوصية أصلا وإنما ذكرت هذه الأمثلة لمصالح وجهات عارضية مثلا لا يخلو عن إشكال بل ومن هذا يظهر الاشكال فيما ذكرناه سابقا من ترتب التعزير على الايذاء فإن هذا أيضا بإطلاقه غير تام ويشكل الالتزام بأن كل أذية قليلة كانت أو كثيرة وفي أي حالة من الحالات توجب التعزير نعم لا شك في حرمة إيذاء المؤمن وأما التعزير مطلقا فمشكل لاختلاف مراتب الأذية ولذا قد صار أمر التعزير موكولا إلى الحاكم حتى يختار ما هو الأصلح والمناسب قليلا أو كثيرا بل وجودا وعدما.
والحاصل أنه يشكل الحكم بأن ملاك التعزير هو جامع الذنب، وذلك لأنه ربما لا يصلح له إلا التعزير وآخر لا يصلح له إلا التوبة.