الكلمات فقد ورد أنه كان كعب بن أسيد يشتم رسول الله ويشتم المسلمين فلما دنى رسول الله صلى الله عليه وآله من حصنهم قال: يا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطاغوت أتشتموني إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم - صباح المنذرين - فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن فقال: والله يا أبا القاسم ما كنت جهولا ولا سبابا فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى سقط الرداء من ظهره حياءا مما قال (1).
ثم إنه بعد أن ثبت أن إيذاء المسلم حرام قطعا وبلا ترديد يأتي هنا سؤال وهو أنه هل يمكن الحكم بحرمة كل ما يتأذى منه المسلم وإن كان تأذيه على خلاف القاعدة لكونه بنفسه خلاف المتعارف وكان له شذوذ وحالات خاصة؟.
الظاهر خلاف ذلك وأن المعيار هو تأذيه المناسب بحيث كان عند متعارف الناس في موضعه ويحكم العرف بأنه كان حقيقا بأن يتأذى لا ما إذا كان يتاذي لكونه كثير التوقع سريع التأثر ينتظر من الناس ما لا يطيقونه ويتوقع منهم ما لا يتحمله المجتمع في محاوراتهم ومراوداتهم.
ومنه قد اتضح حال فرع آخر وهو أن بعض الناس يتأذون بمدحهم وبالكلمة الحسنة التي يقال فيهم فإنه لا مجال للحكم بالحرمة والتعزير هنا.
وعلى الجملة فالمعيار هو ما كان متعارفا فإيذاءه بهذا النحو وإلقاء كلمة إليه توجب ذلك يوجب التعزير.
وأما أن كل كبيرة أو كل معصية يوجب التعزير أم لا فهو يحتاج إلى مزيد التتبع ومراجعة الأدلة وسيأتي البحث عن ذلك إن شاء الله تعالى.