كان أقرب الاحتمالات بملاحظة شأن صدور الرواية من طرقنا وبملاحظة لفظها الوارد من طرق الناس ولا بد لبيانه من ذكر مقدمات:
الأولى ان لرسول الله صلى الله عليه وآله في الأمة شئونا أحدها النبوة والرسالة أي تبليغ الأحكام الإلهية من الأحكام الوضعية والتكليفية حتى أرش الخدش وثانيها مقام السلطنة والرئاسة والسياسة لأنه صلى الله عليه وآله سلطان من قبل الله تعالى، والأمة رعيته وهو سائس البلاد ورئيس العباد، وهذا المقام غير مقام الرسالة والتبليغ، فإنه بما انه مبلغ ورسول من الله ليس له امر ولا نهى، ولو امر أو نهى في أحكام الله تعالى لا يكون ذلك إلا إرشادا إلى امر الله ونهيه، ولو خالف المكلف لم يكن مخالفته مخالفة رسول الله بل مخالفة الله تعالى لأن رسول الله صلى الله عليه وآله ليس بالنسبة إلى أوامر الله ونواهيه ذا امر ونهى بل هو مبلغ ورسول ومخبر عنه تعالى، كما ان أوامر الأئمة عليهم السلام ونواهيهم في أحكام الله كذلك، وليست أوامر النبي والأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام ومن هذه الجهة الا كأوامر الفقهاء مقلديهم، فقول الفقيه لمقلده: اغسل ثوبك عن أبوال ما لا يؤكل لحمه، كقول النبي والأئمة عليهم السلام من حيث انه إرشاد إلى الحكم الإلهي وليس مخالفة هذا الأمر الا مخالفة الله لا مخالفة الرسول والأئمة والفقيه.
واما إذا امر رسول الله أو نهى بما انه سلطان وسائس يجب إطاعة امره بما انه امره، فلو امر سرية ان يذهبوا إلى قطر من الأقطار تجب طاعته عليهم بما انه سلطان وحاكم فان أوامره من هذه الجهة كأوامر الله واجب الإطاعة وليس مثل هذه الأوامر الصادرة عنه أو عن الأئمة إرشادا إلى حكم الله بل أوامر مستقلة منهم تجب طاعتها وقوله تعالى.
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، ناظر إلى تلك الأوامر والنواهي الصادرة عن الرسول وأولي الأمر، بما انهم سلطان وولى على الناس وبما انهم سائس العباد قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة في أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا (1) وثالث المقامات مقام القضاوة والحكومة الشرعية وذلك عند تنازع الناس في حق