ينقضه بيقين آخر، ليس حكما مجعولا، ضرورة امتناع جعل إيجاب العمل على طبق اليقين، فإنه بمنزلة جعل الحجية والكاشفية له، فلا محالة تكون هذه الجملة لتعيين الغاية للحكم المتقدم، فيكون تأكيدا لاستمرار الحكم إلى زمان يقين آخر أو لإفادة استمراره حتى مع وجود الظن ان أريد بالشك ما هو المصطلح، لا عدم العلم، فيفهم من هذه الغاية ان المتكلم اعتبر ثلاثة أمور: اليقين السابق، والشك المستمر، واليقين المتأخر، فقال: ان حكم اليقين بالأمر السابق مستمر في زمان الشك ولا يرفع اليد عنه إلى زمان اليقين بخلافه، فاعتبار اليقين في ظرف الشك مما لا يساعد هذه الاعتبارات.
وبالجملة ان التأمل في الصحيحة صدرا وذيلا مما يشرف الفقيه بالقطع، بان اليقين في الكبرى هو اليقين المحقق الفعلي المتعلق بالشيء في الزمان السابق، لا المقدر المفروض في زمان الشك.
وبما ذكرنا يظهر النظر في كلام بعض أعاظم العصر في تقريبه الثاني، من ان صدق نقض اليقين بالشك يتوقف على ان يكون زمان الشك مما تعلق به اليقين في زمان حدوثه وهو منحصر في الشك في المقتضى. لما عرفت من ان الظاهر من الرواية، هو اليقين المتعلق بالحالة السابقة المتحقق فعلا لا اليقين الآخر، مضافا إلى ان ما ذكره غير تام في نفسه، لأن اليقين في الشك في الرافع قد لا يتعلق في أول حدوثه بما تعلق به الشك، وفي الشك في المقتضى قد يكون كذلك.
تقريب آخر لشمول الأدلة للشك في المقتضى وهاهنا بيان آخر لشمول الأدلة للشك في المقتضى، وهو ان الكبرى الكلية المجعولة في باب الاستصحاب ظاهرة في ان اليقين من حيث هو بلاد خالة شيء آخر لا ينقض بالشك من حيث هو شك كذلك، ضرورة ظهور أخذ كل عنوان في حكم في انه تمام الموضوع له بنفسه من غير دخالة شيء آخر ورائه، ورفع اليد عن هذا الظهور