فهو أشبه باستصحاب الفرد المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد وليس من الاستصحاب الكلي ومنه يظهر الجواب عن الشبهة العبائية المشهورة.
ففيه ما لا يخفى، فان استصحاب الفرد المردد عبارة عن استصحابه على ما هو عليه من الترديد وهو غير جار في المقام وليس المقام شبيها به، بل المراد بالاستصحاب في المقام هو استصحاب بقاء الحيوان في الدار من غير تعيين محله، وكذا استصحاب بقاء النجاسة في الثوب من غير تعيين كونها في هذا الطرف أو ذاك ومن غير إرادة الجريان في الفرد المردد، ضرورة انه مع تطهير الطرف الأسفل من الثوب ينقطع الترديد ولا مجال لاستصحاب المردد، بل ما يراد استصحابه هو بقاء الحيوان في الدار والنجاسة في العباء وهذا استصحاب الكلي وكون الحيوان الخاص فردا جزئيا حقيقيا لا ينافي استصحاب الكلي كما لا يخفى، كما ان استصحاب الشخص الخاص والجزئي الحقيقي كاستصحاب بقاء زيد في الدار وبقاء النجاسة المتحققة الخارجية الجزئية في الثوب مما لا إشكال فيه فإنه استصحاب الفرد المشكوك فيه ولا شباهة له باستصحاب الفرد المردد فسبيل الجواب عن مثل الشبهة العبائية هو ما عرفت.
في القسم الثالث من الكلي واما الثالث - وهو ما إذا كان الشك في بقاء الكلي لاحتمال قيام فرد آخر مقام الفرد المعلوم ارتفاعه فيتصور على وجهين:
أحدهما - ما إذا كان منشأ الشك احتمال مقارنة فرد لوجود الفرد المعلوم بحيث احتمل اجتماعهما في الوجود.
وثانيهما - ما إذا كان منشأه احتمال حدوث فرد مقارنا لزوال الفرد المعلوم سواء كان الفرد الاخر من الجواهر أو الاعراض، فإذا احتمل مقارنة فرد من السواد في جسم مع الفرد الاخر في جسم آخر علم زواله فهو من القسم الأول، وإذا احتمل حدوث فرد منه مقارنا لزوال ذلك الفرد فهو من القسم الثاني، كما انه إذا احتمل تبدل الفرد الزائل بفرد آخر مباين له في الوجود فهو من القسم الثاني أيضا.