أو مال، فإذا رفع الأمر إليه وقضى بميزان القضاوة يكون حكمه نافذا لا يجوز التخلف عنه، لا بما انه رئيس وسلطان بل بما انه قاض وحاكم شرعي وقد يجعل السلطان الأمارة لشخص فينصبه لها والقضاوة لآخر، فيجب على الناس إطاعة الأمير في إمارته لا في قضائه، وإطاعة القاضي في قضائه لا في أوامره، وقد يجعل كلا المقامين لشخص أو لأشخاص، وبالجملة ان لرسول الله مضافا إلى المقامين الأولين مقام فصل الخصومة والقضاء بين الناس قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (1) الثانية كل ما ورد من رسول الله وأمير المؤمنين بلفظ «قضى» أو «حكم» أو «امر» وأمثالها ليس المراد منه بيان الحكم الشرعي، ولو أريد منه ذلك لا يكون الا مجازا أو إرشادا إلى حكم الله، فان الظاهر من تلك الألفاظ هو انه قضى أوامر أو حكم من حيث انه سلطان وأمير أو من حيث انه قاض وحاكم شرعي لا من حيث انه مبلغ للحرام والحلال، لما عرفت ان الأحكام الإلهية ليست أحكام رسول الله وانه صلى الله عليه وآله لا يكون ذا امر ونهى وحكم وقضاء بالنسبة إليها حقيقة بل هو مبين ومبلغ، واما بالنسبة إلى الأحكام الصادرة عنه في مقام القضاء أو في مقام السلطنة والرئاسة يكون قاضيا وحاكما وآمرا وناهيا حقيقة وان كان فرق بين هذين المقامين وما ذكرنا مضافا إلى كونه موافقا للتحقيق والظهور اللفظي يتضح بالتتبع والتدبر في موارد استعمال تلك الكلمات في الروايات الناقلة لقضايا رسول الله وأمير المؤمنين وأوامر هم السلطانية.
ولذا قلما ترى ورود تلك التعبيرات بالنسبة إلى ساير الأئمة عليهم السلام حيث لم تكن لهم الرئاسة والسلطنة الظاهرية ولا القضاء والحكم بحسب الظاهر. وان أطلق نادرا يكون باعتبار كونهم حاكما وقاضيا بحسب الواقع، وربما يقال: امر رسول الله أو أحد الأئمة عليهم السلام بكذا في الأحكام الإلهية فيكون الحكم أو الأمر إرشادا إلى حكم الله تعالى، والمدعى ان الظاهر من امر فلان بكذا أو قضى بكذا هو الأمر المولوي والقضاء والحكومة لا الإرشاد إلى امر آخر أو حكم إلهي.