كما يكون موضوع قاعدة الفراغ على القول بها بل هو أعم منه، فان بنائهم على معاملة الصحة مع الفعل الذي سيصدر من الفاعل أو يشتغل به إذا كان منشئا للأثر فيأتمون بالإمام مع الشك في صحة عمله ويوكلون الغير في النكاح والبيع وساير أمورهم مما له صحة وفساد مع الشك في صدوره منه صحيحا، وبعض الاخبار المتقدمة أيضا يدل على ذلك فدائرة أصالة الصحة في فعل الغير أوسع منها في فعل النفس (1).
في ان الصحة هي الواقعية أم لا الأمر الثاني هل المحمول عليه فعل الفاعل هو الصحة باعتقاد الفاعل أو الصحة الواقعية؟ وقبل تحقيق ذلك لا بد من بيان امر وهو انه قد عرفت ان مبنى أصالة الصحة هو بناء العقلاء ومبنى ذلك البناء يمكن ان يكون أحد امرين:
أحدهما ان ذلك من جهة إلقاء احتمال الخلاف لأجل غلبة صدور الفعل الصحيح من الفاعل المريد لإيجاد فعل لتوقع ترتب الأثر عليه فان الفاعل الكذائي لا يخل بشيء مما هو معتبر في المأتي به عمدا والترك السهوي خلاف الأصل العقلائي (وبالجملة) إيجاد الفعل فاسدا عمدا أو سهوا أو غفلة نادر لا يعتنى به العقلاء بل احتماله مغفول عنه نوعا لدى العقلاء فالحمل على الصحة لأجل الغلبة وندرة التخلف في فعل الفاعل.
ثانيهما ان مبنى بناء العقلاء في الحمل على الصحة ان سائسي الأقوام والنافذين فيهم من السلاطين والرؤساء في الأزمنة القديمة التي كانت أو ان حدوث التمدن والاجتماع البشري وحدثت الخلطة بين الطوائف ودونت القوانين بينهم وضعوا القوانين المفيدة السهلة لرغدة العيش وسهولة الأمر بينهم ومنها إجراء أصالة الصحة فكانت في أول الأمر