حدوثه، وهذا انما يتم إذا كان المتيقن مرسلا بحسب الزمان لكي يكون اليقين بوجوده من أول الأمر محدودا بزمان خاص ومقيدا بوقت مخصوص، والا ففيما بعد ذلك الحد يكون المتيقن مشكوك الوجود من أول الأمر فلا يكون من نقض اليقين بالشك.
تحقيق الحق في الشك في الرافع والمقتضى أقول: قبل بيان وجه النظر في كلام الاعلام نذكر ما هو التحقيق في المقام.
فاعلم ان اليقين قد يلاحظ بما انه صفة قائمة بالنفس كالعطش والجوع والخوف والحزن، من الصفات القائمة بها من غير لحاظ إضافته إلى الخارج وقس عليه الشك والظن، وقد تلاحظ بما انها مضافة إلى الخارج وان اليقين كاشف كشفا تاما عن متعلقه والظن ناقصا والشك غير كاشف أصلا بل يضاف إلى الخارج إضافة ترديدية.
لا إشكال في ان اليقين بحسب الملاحظة الأولى لا يكون ممتازا عن الظن والشك بالإبرام والاستحكام وعدمهما، بل الإبرام والاستحكام بحسب هذه الملاحظة انما يكون في كيفية قيامها بالنفس بحسب مباديها المحصلة لها فيها، فقد تكون مبادئ حصول الشك قوية بحيث لا يزول بسهولة وتكون مبادئ حصول القطع واليقين ضعيفة بحيث يزول بتشكيك ما وقد يكون الحال بخلاف ذلك.
وبالجملة سهولة زوال تلك الأوصاف عن النفس وعسر زوالها تابعان لمبادئ حصولها، فلا يكون اليقين في هذه الملاحظة أبرم من الشك ولا الظن من الشك، واما بحسب الملاحظة الثانية أي إضافتها إلى الخارج، فاليقين مبرم محكم ذاتا دون الشك والظن فكأن اليقين حبل مشدود، أحد طرفيه على النفس وطرفه الآخر على المتيقن ويكون حبلا مبرما مفتولا مستحكما وان كانت مبادئ حصوله ضعيفة غير مستحكمة، بخلاف الظن والشك فإنهما بحسب هذه الإضافة غير محكمين ولا مبرمين وان كانت مبادئ حصولهما قوية مستحكمة.