فصل حول الأحكام الوضعية وتحقيق مهيتها لا بأس بصرف الكلام إلى بيان حال الوضع تبعا للمحقق الخراساني وتحقيق المقام يتم برسم أمور:
الأول انه لا إشكال في تقسيم الحكم إلى التكليفي والوضعي، والظاهر انه ينقسم إليهما بالاشتراك المعنوي فلا بد من جامع بينهما، والظاهر انه هو كونهما من المقررات الشرعية، لأن كل مقرر وقانون من مقنن نافذ في المجتمع يطلق عليه الحكم فيقال حكم الله تعالى بحرمة شرب الخمر، ووجوب صلاة الجمعة، وحكم بضمان اليد والإتلاف، وحكم بنجاسة الكلب والخنزير، وحكم بان المواقيت خمسة أو ستة وكذا يقال حكم السلطان بان جزاء السارق كذا وسعر الأجناس كذا وكذا، وبالجملة كل مقرر وقانون عرفي أو شرعي ممن له أهلية التقرير والتقنين حكم تكليفا كان أو وضعا، ولا يخرج المقررات الشرعية أو العرفية من واحد منهما ولا ثالث لهما، فمثل الرسالة والخلافة والإمامة والحكومة والأمارة والقضاوة من الأحكام الوضعية قال تعالى:
وكلا جعلنا نبيا (1) وقال تعالى: انى جاعل في الأرض خليفة (2) وقال تعالى: انى جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمين (3) فقد نصب رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام إماما وأميرا على الناس يوم الغدير، وجعل القضاة من ناحية السلطان كجعل الأمير والحاكم معروف ومعلوم.
وبالجملة لا إشكال في كون النبوة والإمامة والخلافة من المناصب الإلهية التي جعلها الله وقررها، فهي من الأحكام الوضعية أو من الوضعيات وان لم يصدق عليها