من قول بعضهم: اجتنب عن الدم أو اغسل ثوبك من البول، يفهم من قول الشارع أيضا وليس مخاطبة الشارع مع الناس الا كمخاطبة بعضهم بعضا فإذا قال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، لا يكون المراد منه الا الغسل بنحو المتعارف لا الغسل من الأعلى فالأعلى بنحو الدقة العقلية فكما ان العرف محكم في تشخيص المفاهيم محكم في صدقها على المصاديق وتشخيص مصاديقها فما ليس بمصداق عرفا ليس بمصداق للموضوع المحكوم بالحكم الشرعي، فما أفاده المحقق الخراساني من ان تشخيص المصاديق ليس موكولا إلى العرف وتبعه غيره ليس على ما ينبغي فالحق ما ذكرنا تبعا لشيخنا العلامة أعلى الله مقامه.
الأمر الثاني في ان اخبار الباب هل تختص بالاستصحاب أو تعم غيره؟
مما يعتبر في جريان الاستصحاب هو ان يكون اليقين بالقضية المستصحبة فعليا بان يكون حال إجراء الأصل متيقنا لوجود المستصحب في السابق حتى يكون شكه في البقاء وهذا مما لا إشكال فيه ولا كلام، انما الإشكال في ان الاخبار الواردة في الباب هل يكون مفادها مختصا بالاستصحاب أو يعم قاعدة اليقين أو يعم مع ذلك امرا ثالثا وهو ترتيب آثار البقاء مع الشك في الحدوث بمجرد تعلق اليقين بحدوثه وزواله.
وبعبارة أخرى ان الكبرى الكلية الواردة في الاخبار كما تشمل عدم نقض اليقين المتحقق فعلا المتعلق بالأمر السابق مع الشك في بقائه وهو المعبر عنه بالاستصحاب تشمل قاعدة اليقين وهي ما إذا تعلق اليقين بأمر في زمان ثم زال اليقين وشك في كونه في ذلك الزمان متحققا أو لا فيترتب عليه آثار المتيقن في ذلك الزمان وتشمل أيضا امرا ثالثا وهو ما إذا تعلق اليقين بأمر سابق وشك في بقائه مع زوال اليقين فيحكم بترتب آثار البقاء مع سراية الشك إلى اليقين.
والكلام يقع في المقامين (أحدهما) في إمكان الجمع بين القاعدتين أو