بن حنبل برواية عبادة بن الصامت في ضمن قضايا رسول الله صلى الله عليه وآله ولفظه: وقضى ان لا ضرر ولا ضرار، وقد اتضح ان لفظة «قضى» أو «حكم» أو «امر» ظاهرة في كون المقضي به من أحكام رسول الله بما انه سلطان أو قاض وليس من قبيل تبليغ أحكام الله وكشف مراده تعالى. والمقام ليس من قبيل القضاوة وفصل الخصومة كما هو واضح، فيكون قوله: قضى ان لا ضرر ولا ضرار ظاهرا في انه من أحكامه بما انه سلطان وانه نهى عن الضرر والضرار بما انه سائس الأمة ورئيس الملة وسلطانهم وأميرهم، فيكون مفاده انه حكم رسول الله وامر بان لا يضر أحد أحدا ولا يجعله في ضيق وحرج ومشقة فيجب على الأمة طاعة هذا النهي المولوي السلطاني بما انها طاعة السلطان المفترض الطاعة.
فالحمل على النهي الإلهي وكونه نهيا من قبل الله وانما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله كما اختاره العلامة شيخ الشريعة تبعا لشراح الحديث خلاف الظاهر، مع ان شراح الحديث كابن الأثير والسيوطي وغيرهما لم يظهر من عباراتهم المنقولة الا كون لا ضرر بمعنى لا يضر أخاه.
واما كون النهي من قبل الله أو من قبل رسول الله بما انه سلطان وحاكم فلم - يظهر منهم اختيار فيه ولعل المتبحر المتقدم ذكره، أيضا لم يكن بصدد ذلك بل مقصوده أيضا كون لا ضرر نهيا في مقابل الأقوال الاخر وان كان المتبادر منه هو كون النهي إلهيا وبالجملة كون النهي إلهيا خلاف ظاهر قوله قضى بذلك، كما ان نفي الحكم الشرعي الضرري بقوله قضى انه لا ضرر ولا ضرار، خلاف الظاهر، لعدم التناسب بين قضائه وبين نفي الحكم الضرري هذا حال ما ورد من طرقهم.
واما ما ثبت وروده من طرقنا فهو قضية سمرة بن جندب وورود الحديث في ذيلها من غير تصديره بلفظة «قضى» أو «امر» أو «حكم» بل ورد بلفظة «قال» لكن التأمل في صدر القضية وذيلها وشأن صدور الحديث مما يكاد ان يشرف الفقيه بالقطع بان لا ضرر ولا ضرار حكم صادر منه صلى الله عليه وآله بنحو الأمرية والحاكمية بما انه سلطان ودافع للظلم عن الرعية، فان الأنصاري لما ظلم ووقع في الحرج والمضيقة بورود سمرة بن جندب