لا بما انه ماش مستقيم القامة فيصح ان يقال ان الإنسان ليس بناطق من حيث كونه ماشيا مستقيم القامة بل بما انه إنسان وفيما نحن فيه يصح ان يقال ان الجلوس بعد الزوال واجب بما انه جلوس وليس بواجب بما انه متقيد بما بعد الزوال ويرجع ذلك إلى ان الجلوس تمام الموضوع لا بعضه.
لا يقال: ان المطلق إذا كان واجبا يقتضى إطلاقه وجوب الجلوس في جميع الحالات ومنها الجلوس بعد الزوال فيصير معارضا لعدم وجوب الجلوس بعد الزوال.
فإنه يقال: ليس معنى إطلاقه ان الجلوس بعد الزوال بما انه جلوس بعد الزوال واجب بل معناه ان الجلوس بعد الزوال واجب بما انه جلوس فلا منافاة بين وجوب الجلوس بعد الزوال بما انه جلوس وعدم وجوبه بما انه متقيد كما هو واضح، ولقد أشار إلى بعض ما ذكرنا شيخنا العلامة في «درره» فليكن ما ذكرنا تقريرا أو توضيحا لما أفاده.
التنبيه الرابع في الاستصحاب التعليقي هل يجري الاستصحاب التعليقي مطلقا أو لا يجري كذلك؟ أو يفصل بين التعليق في الحكم والموضوع أو بين ما كان التعليق شرعيا وغيره؟ وجوه يتضح الحق ببيان أمور:
الأول ان محط البحث والنقض والإبرام في الاستصحاب التعليقي هو ان تعليقية الحكم أو الموضوع هل توجب خللا في أركان الاستصحاب وشرائط جريانه أم لا؟ وعلى الثاني هل يكون الاستصحاب التعليقي مفيدا ومنتهيا إلى العمل أو لا لابتلائه بالمعارضة دائما، فلا بد من تمحض البحث في ذلك، واما قضية بقاء الموضوع وعدمه أو إرجاع القضية التعليقية إلى القضية التنجيزية فهي خارجة عن محط البحث ومورد الإبرام والنقض فما أفاده الشيخ الأنصاري رحمه الله من استصحاب سببية الشرط للمشروط وان كان حقا على إشكال ويدفع به الإشكال بوجه، لكنه خروج عن موضوع البحث ومع ذلك لا محيص عن التعرض له تبعا لهم.