الثالثة قد يعبر في مقام الأوامر الصادرة عنه صلى الله عليه وآله أو عن أمير المؤمنين عليه السلام بما انهما السلطان والحاكم بغير الألفاظ المتقدمة فيقال: قال رسول الله أو قال أمير المؤمنين لكن قرينة الحال والمقام تقتضي الحمل على الأمر المولوي أو القضاء وفصل الخصومة فلو ورد ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفلان: أنت رئيس الجيش فاذهب إلى كذا، يكون بقرينة المقام ظاهرا في ان هذا الأمر صدر مولويا من حيث انه سلطان، ولو ورد ان رجلين تخاصما عنده في كذا وأقام أحدهما البينة فقال صلى الله عليه وآله: ان المال لصاحب البينة، يكون ظاهرا بحسب المقام في انه قضى بذلك ويكون قوله ذلك هو القضاء بالحمل الشائع.
وبالجملة الألفاظ المتقدمة مع قطع النظر عن القرائن ظاهرة في الحكم والأمر منه، ويمكن ان يقال: ان قوله: «امر» بكذا ظاهر في الأمر المولوي السلطاني، و «قضى بكذا» ظاهر في فصل الخصومة، و «حكم» مردد بينهما يحتاج إلى قرينة معينة، واما ما هو من قبيل «قال» فدلالته على القضاء أو الأمر المولوي تحتاج إلى قرينة حال أو مقال، نعم صيغ الأمر في حد نفسها ظاهرة في الأمر المولوي وكونها إرشادية يحتاج إلى القرينة.
الرابعة لا بأس لتأييد ما ذكرنا بنقل بعض الروايات الواردة بالألفاظ المتقدمة وبعض ما يكون بقرينة المقام دالا على ان الأمر الصادر امر مولوي سلطاني أو حكم وقضاء وان لم يرد بلفظ قضى أو امر أو حكم فنقول: اما ما ورد بلفظ قضى وحكم فأكثر من ان يحصى.
فمن ذلك ما في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله انما أقضي بينكم بالبينات والإيمان (1) وعن تفسير الإمام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كان رسول الله يحكم بين الناس بالبينات والإيمان الخبر (2)