وجوب القصر في أربعة فراسخ وان لم يرجع ليومه والاخر وجوب الإتمام، ففي هذه الصورة لا تجري أصالة الصحة لأن جريانها مساوق لحمل فعله على السهو والغفلة وهو مخالف للأصل، وقد يكون التخالف بغيره كما لو اعتقد الفاعل التخيير بين الجهر والإخفات في ظهر يوم الجمعة واعتقد الحامل تعين الإخفات فيه، وهذه الصورة مورد الشك في بناء العقلاء فلا بد من العمل في هاتين الصورتين على ساير الأصول ولا يلزم من ترك العمل عليها فيهما محذور اختلال النظام والعسر والحرج لأن غالب موارد الابتلاء بحيث يشذ ما عداه هو صورة الجهل بحال الفاعل وهو المتيقن من جريان الأصل فيه والعمل فيه على الصحة الواقعية.
حول أقسام الشك في العمل وأحكامها الأمر الثالث الشك في العمل تارة يكون في تحقق ركن مقوم منه بحيث لولاه لم يصدق عليه عنوانه عرفا كالشك في وقوع العقد بلا ثمن أو الشك في مالية العوضين أو في تميز المتعاملين فان الإخلال بكل واحد مما ذكر مخل بتحقق العقد عرفا ولو على القول بالأعم، وأخرى يكون في جهة أخرى بعد استكماله للأركان بالمعنى المتقدم فحينئذ قد يكون الشك في شرائط المتعاملين كالشك في بلوغهما أو كونهما مختارين وقد يكون في شرائط العوضين ككونهما خمرا أو خنزيرا أو مجهولا، وقد يكون في شرائط نفس العقد كالشك في تقدم الإيجاب وعربية العقد وقد يكون في تحقق شرط مفسد بناء على مفسدية الشرط الفاسد، هذه جملة الشكوك الحاصلة في العمل.
لا ينبغي الإشكال في عدم جريان الأصل في الصورة الأولى لأن الشك يرجع إلى تحقق العقد وفي مثله لا تجري أصالة الصحة وان شئت قلت ان أصالة الصحة لا تجري عند العقلاء الا بعد إحراز عنوان العمل ومع الشك فيه لا مجرى لها (وبعبارة أخرى) الصحة واللاصحة الرتبة المتأخرة عن وجود العمل ومع الشك في تحققه لا معنى لإجراء أصالة الصحة سواء كانت الصحة بمعنى التمامية أو معنى انتزاعيا (1).