وبالجملة امتياز اليقين عن الشك في كونه كالحبل المبرم دون الشك انما هو بحسب تعلقهما بالخارج وهذا واضح، واما الجري العملي على طبق اليقين فهو خارج عن حقيقته بل يكون من آثاره وأحكامه العقلية أو العقلائية، فلا يكون إبرامه واستحكامه متفرعين على الجري العملي بل هو تابع لهما، وكذا إبرامه واستحكامه، وكونه كالحبل المشدود دون الشك لا ارتباط لها بالمتيقن بل هي من مقتضيات ذاته سواء تعلق بأمر مبرم أو غيره، كما ان الشك غير مبرم بأي شيء تعلق.
فتحصل مما ذكرنا ان الإبرام والاستحكام من مقتضيات ذات اليقين، وان مقابلهما من مقتضيات ذات الشك في حال ملاحظتهما متعلقين بالخارج ومضافين إلى المتعلق، ولا يكون الإبرام والاستحكام عارضين له من المتيقن ولا من وجوب الجري العملي على طبقه، كما ان اليمين المؤكد يتوهم له أحكام وإبرام باعتبار نفس ذاته المضافة إلى المتعلق. ففي قوله تعالى: «ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها»، انما نسب النقض إليها، لا باعتبار كونها من الكيفيات المسموعة القائمة بنفس المتكلم، ولا باعتبار كونه متعلقها امرا مستمرا مبرما، ولا باعتبار الجري العملي على طبقها، بل باعتبار ذاتها المضافة إلى متعلقاتها فكأن اليمين بواسطة هذه الإضافة حبل مبرم مشدود، أحد جانبيه على عنق الحالف والآخر على متعلقه، فبهذه الملاحظة نسب إليه النقض كما ان اليقين انما نسب إليه النقض بهذه الملاحظة.
فما أفاده الشيخ العلامة من ان نسبة النقض باعتبار كون متعلقه مبرما، كما أفاده ثاني العلمين المتقدمين من كون النسبة باعتبار الجري العملي (ممنوع) خصوصا ثانيهما، وفي كلامه مواقع للنظر كافتراقه بين العلم والقطع وبين اليقين مما هو واضح البطلان وسيأتي النظر في تقريبه الثاني.
في بيان جواب تقريب المولى الهمداني (ره) واما ما أفاد أول العلمين من ان نسبة النقض باعتبار اليقين التقديري في زمان