حول تعارض الاستصحابين الرابع في وجه تقدم الاستصحاب السببي على المسببي ولا بأس بتعرض مطلق تعارض الاستصحابين.
فنقول: ان الشك في أحد المستصحبين اما ان يكون مسببا عن الشك في الآخر واما ان يكون الشك في كليهما ناشئا من ثالث، فعلى الأول اما ان تكون السببية والمسببية لأجل اللزوم العقلي أو العادي كالشك في وجود المعلول للشك في وجود علته وكالشك في نبات لحية زيد لأجل الشك في بقائه، واما ان تكون لأجل الجعل الشرعي كالشك في طهارة الثوب المغسول بالماء المشكوك الكرية فإنه لو لا حكم الشارع بان الغسل بالكر موجب للطهارة لما صار أحد الشكين سببا للشك الاخر، ثم ان السببية قد تكون بلا واسطة كالشك في صحة الطلاق عند رجلين في عدالتهما وقد تكون مع الواسطة كالشك في عدالتهما بالنسبة إلى الشك في لزوم تربص ثلاثة قروء، فان الشك في عدالتهما سبب للشك في صحة الطلاق وهو سبب للشك في لزوم التربص وقد تكون الوسائط كثيرة، وسيأتي أقسام ما إذا كان الشك في كليهما ناشئا من امر ثالث.
ولا إشكال في عدم تقدم الأصل السببي على المسببي إذا كانت السببية عقلية أو عادية وسيأتي بيان وجهه، واما إذا كانت السببية شرعية سواء كانت مع الواسطة أم لا، فسر تقدم الأصل السببي يظهر من التنبيه على امر قد أشرنا إليه سابقا في باب الأصول المثبتة وهو ان قوله (لا ينقض اليقين بالشك) لا يمكن ان يكون كفيلا للآثار مع الواسطة حتى الشرعية منها لأن الآثار مع الواسطة لا تكون آثار نفس المستصحب بالضرورة بل تكون أثر الأثر وأثر أثر الأثر وهكذا. فأثر عدالة شاهدين صحة الطلاق عندهما، ولزوم تربص ثلاثة قروء أثر صحة الطلاق لا أثر عدالة شاهدين فصحة الطلاق إذا ثبت بقوله (لا ينقض اليقين بالشك) لا يمكن ان يترتب عليها أثرها بلا ينقض أيضا لأن الحكم لا يمكن ان يوجد الموضوع ويترتب عليه ولا يكون أثر الأثر مصداق نقض اليقين بالشك تعبدا حتى يقال: ان لا تنقض قضية حقيقية تشملها كما يجاب عن الشبهة في الاخبار مع