لم يصل إلى حد تطمئن النفس بان بنائهم على عدم الاعتناء بالشك كما ذكرنا في بعض المباحث السالفة لكن يمكن ان يدعى ان هذا الارتكاز صار موجبا لانصراف الأدلة إلى ما يكون مرتكزا لديهم.
وبعبارة أخرى ان الأحكام الصادرة من الشارع قد تكون تعبدية محضة لا طريق للعقلاء لفهم سرها ككثير من التعبديات، وقد تكون إرشادا إلى طريقة العقلاء كأدلة اخبار الثقة أو اليد، وقد تكون معنى متوسطا بينهما أي لا تكون تعبدية محضة لا يعلم العقلاء سره أصلا ولا تكون إرشادية إلى ما لديهم لعدم الحكم الجزمي بينهم لكن تكون من التعبديات التي يكون للعقل إليها سبيل ويكون في ارتكاز العقلاء ما يناسبها، وهذا الارتكاز والمناسبات المعلومة عند العقلاء قد يوجب الانصراف إلى ما ارتكز بينهم وما نحن فيه من هذا القبيل، فإذا سمع العقلاء قوله: «كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو» يصير الأمر الارتكازي موجبا لانصرافه إلى ذلك ويمنع عن فهم الإطلاق فيكون كالقرينة الحافة بالكلام أو ما يصلح للقرينية.
هذا مضافا إلى ان الناظر في الروايات يرى ان السؤال والجواب بين الرواة والأئمة عليهم السلام كانا ممحضين في هذا القسم ولا يكون الجهل بالحكم أو الموضوع في ذهنهم، فارجع الروايات حتى يتضح صدق ما ذكرنا، أضف إلى ذلك كله الشواهد الموجودة في الروايات كقوله: «هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» وقوله: «وكان حين انصرف أقرب إلى الحق» بل وقوله: «قد ركعت امضه» وبالجملة مدعى الانصراف غير مجازف، ودعوى الإطلاق بالنسبة إلى جميع الصور في غاية الإشكال، ثم على فرض إطلاق الأدلة يشكل رفع اليد عنه لقوله هو حين يتوضأ اذكر لعدم استفادة العلية للمجعول ولا الانحصار منه لإمكان كونه علة للتشريع فلا يجوز رفع اليد عنه لأجله فتدبر.
حول كلام بعض المحققين وما يرد عليه ثم ان بعض المحققين (1) ادعى الإطلاق لجميع صور الشك وقال في تقريبه ان العمدة في حمل الأعمال الماضية الصادرة من المكلف على الصحيح هي السيرة القطعية وانه