لزوم البيع، فان نفس اللزوم لا يكون ضرريا بل البيع نفسه ضرري، فحينئذ قد يكون البيع ضرريا بذاته وقد يترتب عليه الضرر ترتبا ثانويا أو ترتبا مع الوسائط بل قد يكون بيع متاع بقيمة رخيص موجبا لتنزل المتاع والضرر الفاحش على واجديه، وقد يكون موجبا للغلاء والقحط وحصول الضرر على فاقديه، وقد يكون بيع الدار المحبوبة موجبا للضرر على الأهل والأولاد، وقد يكون موجبا للإضرار بالجار والشريك.
إذا عرفت ذلك نقول: لو كانت الأحكام قد توجب الضرر بنحو العلية والسببية التوليدية وقد توجب بنحو الاعداد وقد تلزمه لزوما أوليا وقد تلزمه لزوما ثانويا يمكن ان يدعى ان المنفي بقوله لا ضرر هو الأحكام الموجبة للضرر إيجابا عليا أو أوليا، واما بعد ما عرفت من عدم ترتب الضرر على الأحكام كذلك بل الترتب عليها بنحو من الدخالة وبنحو من الاعداد، فلا ترجيح لاختصاص نفى الضرر بحكم دون حكم وضرر دون ضرر ومعد دون معد.
ودعوى اختصاص نفى الضرر باحكام تكون متعلقاتها ضررية بنحو السببية لا بنحو الاعداد كما ترى، فاتضح لزوم تخصيصات كثيرة عليه وإلا لزم تأسيس فقه جديد ولا محيص عن هذا الإشكال بما أفاده الشيخ رحمه الله من ان الخارج انما خرج بعنوان واحد ولا استهجان فيه، فان الواقع خلافه، لأن موارد التخصيصات مما لا جامع لها ظاهرا ولو فرض ان يكون لها جامع واقعي مجهول لدى المخاطب ووقع التخصيص بحسب مقام التخاطب بغير ذلك الجامع لا يخرج عن الاستهجان - هذا.
مع ان الخروج بعنوان واحد أيضا لا يخرج الكلام من الاستهجان إذا كان المخصص منفصلا فلو قال: أكرم كل إنسان، ثم قال بدليل منفصل: لا تكرم من له رأس واحد، وأراد بإلقاء الكبرى إكرام من له رأسان كان قبيحا مستهجنا.
ومن الإشكالات المشتركة، ان لا ضرر بما انه حكم امتناني على العباد وان مفاده انه تعالى لعنايته على العباد لم يوقعهم في الضرر ولم يشرع الأحكام للإضرار عليهم آب عن التخصيص مطلقا فهو كقوله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج، ولسانه كلسانه ويكون آبيا عن التخصيص، مع ان كثيرا من الأحكام الإلهية ضررية كتشريع