هذه الدعوى اما كثرة المطر وغزارته أو علاقة المجاورة مثلا.
واما كونه حقيقة ادعائية كما أفاد المحقق الخراساني في الكفاية من نفى الآثار أي الأحكام بنفي الموضوع ففيه ان الأحكام ليست من آثار الضرر ولا يكون الضرر موضوعا لها حتى يصحح كونها كذلك تلك الادعاء (1) ففي قوله يا أشباه الرجال ولا رجال، يدعى القائل ان تمام حقيقة الرجولية عبارة عن الشجاعة والإقدام في معارك القتال والجدال فمن تقاعد عنها خوفا وجبنا فلا يكون رجلا، فيسلب الرجولية لسلب آثارها البارزة التي يمكن دعوى كونها تمام حقيقة الرجولية، واما الأحكام فليست من آثار الضرر حتى يصح فيها هذه الدعوى، نعم لو فرض ان للضرر أثرا بارزا غير مرتب عليه أو كان الضرر لقلة وجوده مما يعد معدوما يمكن دعوى عدمه، فقياس المقام بقوله يا أشباه الرجال ولا رجال مع الفارق وقد عرفت الإشكال فيما ذكره رحمه الله في تعليقته على الرسائل.
واما الحقيقة الادعائية بالأنحاء الاخر كنفي الضرر لنفي أسبابه وقلعها، فالمصحح لدعوى انه لا ضرر في دائرة سلطاني وحمى حكومتي هو قلع مادة أسبابه وقطع أصول علله برفع الأحكام الشرعية الموجبة للضرر، والنهي عن إضرار الرعية بعضهم بعضا، فالشارع قد قطع علل الضرر بما هو وظيفته فيمكن ان يدعى انه لا ضرر ولا ضرار.
فيرد على ذلك بجميع تقريراته المتقدمة ان دعوى نفى الحقيقة بتمام هويتها مع وجودها في الخارج انما تستحسن وتصح إذا صح تنزيل الموجود منزلة المعدوم اما لقلة وجوده أو قطع علله وأسبابه بحيث يقل وجوده، ومع كون الأحكام البارزة المهمة في الإسلام التي هي أصول الأحكام الفرعية كالزكاة والخمس والحج والجهاد والكفارات والحدود بل والاسترقاق وأخذ الغنائم وغيرها ضررية في نظر العقلاء لا مصحح لهذه الدعوى ولا حسن لها، فهل هذه الدعوى الا كدعوى السلطان عدم السارق في حومة سلطانه مع كون غالب أعاظم مملكته ومقربي حضرته من السارقين.