وفي مخالفته عقاب ودركات فيرجح الطاعة على المعصية فينبعث نحوها ويأتي بالمتعلق فيترتب على إتيانه ضرر أحيانا، وما كان هذا حاله كيف يمكن ان يقال: ان إطلاق لفظ الموضوع لأحدهما على الاخر ليس مجازا وورود القضية في مقام التشريع قرينة على كون المراد من الضرر الحكم الضرري لا انه موجب لكون الاستعمال على نحو الحقيقية وهو واضح، هذا فيما يمكن ان يقال في حول لا ضرر ولا ضرار إذا أريد منه نفي الحكم الضرري، وان شئت قلت في حول محتملات كلام العلامة الأنصاري. والاحتمال الثاني ما نقل عن بعض الفحول من ان المنفي هو الضرر الغير المتدارك فيكون لا ضرر كناية عن لزوم تداركه، ومصحح دعوى نفي الحقيقة هو حكم الشارع بلزوم التدارك فينزل الضرر المحكوم بلزوم تداركه منزلة العدم، ويقال لا ضرر ولا ضرار وأجاب عنه الشيخ وجعله أردأ الاحتمالات وسيأتي التعرض لكلامه قدس سره حتى يتضح انه رديفه وزميله في ورود الإشكال عليه.
والاحتمال الثالث هو الحمل على النهي كقوله لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، اما باستعمال النفي في النهي، واما ببقاء النفي على حاله والتعبير بالجملة الخبرية في مقام الإنشاء لإفهام شدة التنفر عنه والمبالغة في عدم الرضا بتحققه لينتقل السامع إلى الزجر الأكيد، كما ان المطلوب إذا أريد المبالغة في طلبه وانه لا يرضى بتركه ينزل منزلة الموجود ويعبر عنه بما يدل على وقوعه لينتقل السامع إلى الأمر الأكيد. وهذان الاحتمالان كلاهما تجوز. وان كان الثاني راجحا بل متعينا على فرض كونه بمعنى النهي.
فقد رجح الاحتمال الثالث فريد عصره شيخ الشريعة الأصفهاني رحمه الله وارتضاه، مدعيا انه موافق لكلمات أئمة اللغة ومهرة أهل اللسان ونقله عن نهاية ابن الأثير ولسان العرب والدر النثير للسيوطي وتاج العروس ومجمع البحرين.
وهاهنا احتمال رابع يكون راجحا في نظري القاصر وان لم أعثر عليه في كلام القوم، وهو كونه نهيا لا بمعنى النهي الإلهي حتى يكون حكما إلهيا كحرمة شرب الخمر وحرمة القمار بل بمعنى النهي السلطاني الذي صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما انه