والمكروه لا الضرر المالي أو النفسي وكذا قوله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا، يكون بمعنى ذلك فعن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال سألته عن قول الله عز وجل: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا قال: الرجل يطلق حتى إذا كادت ان يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلث مرات فنهى الله عز وجل عن ذلك، وفي مجمع البيان لا تمسكوهن ضرارا أي لا تراجعوهن لا لرغبة فيهن بل لطلب الإضرار بهن، اما بتطويل العدة أو بتضييق النفقة في العدة.
والظاهر ان الضرار في قوله تعالى: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا، هو بمعنى إيصال المكروه على المؤمنين بإيقاع الشك في قلوبهم وتفريق جمعيتهم واضطرابهم في دينهم كما روى ان بنى عمرو بن عوف بنوا مسجد قباء وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فحسدهم إخوتهم بنو غنم بن عوف فبنوا مسجد الضرار وأرادوا ان يحتالوا بذلك فيفرقوا المؤمنين ويوقعوا الشك في قلوبهم بان يدعوا أبا عامر الراهب من الشام ليعظهم ويذكروهن دين الإسلام ليشك المسلمون ويضطربوا في دينهم فأخبر الله نبيه بذلك فأمر بإحراقه وهدمه بعد الرجوع من تبوك، وفي مجمع البيان ضرارا أي مضارة يعنى الضرر بأهل مسجد قباء أو مسجد الرسول ليقل الجمع فيه، ويظهر من القضية ان الضرار هاهنا بمعنى إيصال المكروه والحرج والتضييق على المؤمنين بتقليل جمعيتهم وتفرقتهم وإيقاع الاضطراب في قلوبهم والشك في دينهم لا الضرر المالي والنفسي.
وفي قوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد احتمالان أحدهما انه بالبناء للفاعل فيكون النهي متوجها إلى الكاتب والشهيد، وثانيهما بالبناء للمفعول فيكون المعنى لا يفعل بالكاتب والشهيد ضرر قال في مجمع البحرين: قوله ولا يضار كاتب ولا شهيد فيه قراءتان: إحداهما لا يضار بالإظهار والكسر والبناء للفاعل على قراءة أبي عمرو فعلى هذا يكون المعنى لا يجوز وقوع المضارة من الكاتب بان يمتنع من الإجابة أو يحرف بالزيادة والنقصان وكذا الشهيد، وثانيتهما قراءة الباقين لا يضار بالإدغام والفتح والبناء للمفعول فعلى هذا يكون المعنى لا يفعل بالكاتب والشهيد ضرر بأن