ثم إن قيل لم تطلب الرياضة فقيل لكي أصح كان الجواب صحيحا والفاعل ليس علة لصيرورة الغاية غاية ولا لمهية الغاية في نفسها ولكن علة لوجود مهيتها في الأعيان وفرق بين المهية والوجود انتهى كلامه.
أقول الفرق بين المهية والوجود ليس مما يصحح كون المهية سببا لشئ ء من غير مدخلية ضرب من الوجود معها كيف والشئ ما لم يوجد لم يكن سببا لوجود شئ بل المؤثر في الأشياء ليس الا الوجود فمهية الغاية لا يجعل الفاعل فاعلا بل وجودها السابق كما أن الاكل مثلا لغاية هي الشبع مثلا فلا بد ان يكون للشبع وجود لفاعل الاكل قبل الاكل حتى يأكل لأجله فاحد وجودي الشبع يحرك محرك المادة لحصول وجوده الاخر لكونه أكمل وأتم من ذلك الوجود.
فالغاية بحسب أحد الوجودين جزء صوري للفاعل بما هو فاعل فهي سبب لكون الفاعل فاعلا وليس الفاعل علة للغاية في كونها غاية بل لتحصيل وجودها لنفسه سواء كان وجودها في نفسها هو بعينه وجودها المحصل للفاعل كما في الغايات التي تحت الكون لفعل الحركات والاستحالات أو يكون وجودها في نفسها غير وجودها الحاصل من الفعل المرتبط بالفاعل كما في الغاية التي هي فوق الكون كالعقل الفعال في كونه غاية لاستكمالات النفس فان وجوده في نفسه غير وجوده للنفس المترتب على استكمالها.
وعلم أن لكل من هذه العلل الأربع مبدئين بالقياس إلى شيئين أو بالقياس إلى شئ واحد بوجهين اما المادة والصورة فلكل واحده منهما عليه لشيئين لأنهما علة لصاحبهما بوجه و علة للمركب منهما بوجه فكان كل منهما علة قريبه لشئ وعلة بعيده لشئ فهما كأنهما علتان غير قريبتين للمركب بنحو من العلية وقريبتان بنحو آخر من العلية وهي التقويم وكذا الفاعل فان الفاعل اما ان يكون مهيئا للمادة فيكون سببا لايجاد المادة القريبة من المعلول لا سببا قريبا منه أو يكون معطيا للصورة فيكون سببا لايجاد الصورة القريبة من المعلول لا سببا قريبا منه والفاعل أيضا سبب بعيد للغاية بوجه لأنه سبب للصورة