من طبيعيات الشفاء لكن قوما قد اخترعوا في قريب من زماننا مذهبا عجيبا وقالوا ان البسائط إذا امتزجت وانفعل بعضها عن بعض تأدى ذلك بها إلى أن ينخلع صورها وتلبس حينئذ صوره واحده فيصير لها هيولي واحده وصوره واحده.
فمنهم من جعل تلك الصورة أمرا متوسطا بين صورها ذات الحمية ويرى ان الممتزج بذلك يستعد لقبول الصورة النوعية للمركبات.
ومنهم من جعل تلك الصورة صوره أخرى من صور النوعيات وجعل المزاج عارضا لها لا صوره لها ثم قال ما حاصله ان هذا لو كان حقا لكان المركب إذا تسلط عليه النار لفعلت فعلا متشابها فلم يكن القرع والأنبيق يميزه إلى شئ قاطر متجز لا يثبت في النار والى شئ ارضى لا يقطر وانا وضعنا قطعه من اللحم في القرع والأنبيق يميز إلى جسم مائي قاطر والى كلس ارضى غير قاطر.
فنقول تلك الأجزاء التي كانت في المركب اما ان لا تكون بينها اختلاف في استعداد التقطير وعدمه أو يكون فعلى الأول يجب ان يكون الكل قاطرا أو الكل ممتنعا عن القطر وعلى الثاني فذلك الاختلاف اما بنفس ماهياتها أو بأمر خارج عنها والأول يوجب اختلاف الاجزاء بالصور واما الثاني فذلك الخارج إن كان لازما يرجع إلى أن الاختلاف بالصور وان لم يكن لازما بل كان عارضا فجاز زواله فأمكن ان يوجد مركب لم يكن اجزاؤه مختلفه لقبول بعضها لحال وبعضها لحال أخرى وذلك يقتضى ان يوجد في اللحوم لحم يقطر كله أو يكلس كله وكذلك القول في سائر المركبات (1) فيبطل القول بهذا المذهب.