الكليات فحينئذ انقلب إلى امر مجرد يخرج المجرد الذي كان فيه بالقوة إلى الفعل ولا دليل على امتناع ذلك فمنشأ السؤال اخذ ما بالقوة مكان ما بالفعل فاذن يكون النفس المجردة التي هي صوره الانسان جزء تحليليا كما هو شان ساير الصور لا جزء تركيبا انتهى.
أقول ما ذكره ليس بصحيح فان معنى اتحاد المادة بالصورة كما أشرنا إليه مرارا ان موجودا واحدا هو الصورة وجودها بعينه وجود ما هو المادة يعنى ان كلا منهما مطلقا موجود بهذا الوجود بالفعل والتحليل العقلي بهما انما هو بحسب اخذ كل منهما باعتبار التجريد عن الاخر مثلا الجسم مادة للصورة النباتية وقيل صيرورة الجسم نباتا يصدق عليه انه جوهر قابل للابعاد فقط وإذا تصور بصوره النبات وانقلب إليها صار من افراد مفهومات أخرى أيضا غير الجوهرية وقبول الابعاد وهي المتغذي والنامي والمولد.
فجميع هذه المعاني موجودة بالفعل لا بالقوة بوجود واحد لكن مطلقا لا باعتبار تجريد بعضها فالجسم ان اخذ مطلقا هو جنس صادق على النامي وان اخذ مقيدا بعدم شئ آخر فيه يكون مادة وهكذا الفرق بين اعتبار الفصل والصورة في معنى النامي فالحاجة إلى التحليل انما هي بحسب وصف الجزئية.
ومعنى كون هذه المعاني بالقوة انما هو باعتبار وجوداتها التفصيلية عند الافتراق كما يقال السواد الشديد فيه بالقوة أمثال السواد الضعيف أو في المتصل الواحد الكبير أمثال الصغير بالقوة ولا يمكن لاحد ان يقول ليس هذا الحيوان جسما بالفعل بل له ان يقول ليس جسما محضا بالفعل وكذا لا يمكن له ان يقول ليس هو حساسا بالفعل بل له ان يقول ليس حساسا محضا فكذلك الانسان يوجد فيه بالفعل جميع المعاني الموجودة في مهية الحيوان المطلق مع زيادة قوه فيها قبول العقل بالفعل لكن لما كان بين المعاني السابقة وادراك الكليات بالفعل نحو تناقض والمتناقضان لا يوجدان بوجود واحد بالفعل يرد الاشكال المذكور ودفعه بما بيناه من أن المراد بالناطق هو العاقل المدرك للكليات بالقوة وليس للانسان بحسب هذا الوجود الجسماني ادراك