واما الثاني فالبرهان حاكم بان مادة الشئ هي التي تصورت بذلك الشئ لا التي لا يمكن ان يتصور به والجسم لا يمكن ان يتصور بجوهر مفارق وإن كان مع أي اضافه فرضت له.
تذكره فيها تبصره اعلم أن السيد السند سلك في الجواب عن الاشكال الثالث مسلكا آخر غير ما سلكناه حاصله ان شيئا من النفس والبدن غير موجود بالفعل بمعنى ان هذا الوجود الذي به يتحقق المركب ليس وجودا لواحد منهما بل لأمر آخر قابل للتحليل العقلي إليهما وكذا في كل مركب من مادة وصوره فإنه قال لا نسلم ان التركيب الاتحادي بينهما مستلزم لذلك أي لتجسم المجرد أو تجرد المجسم لما عرفت من أن الصورة والمادة ليسا أمرين مختلفين في الخارج حتى يكون هناك مجرد ومادي بالفعل ولزم من صيرورتهما واحدا أحد الامرين المذكورين.
فان الانسان قد انقلب النطفة إليه بالوسائط وهو واحد طبيعي ليس له في الخارج جزء أصلا لا مادي ولا مجرد كسائر مراتب الانقلابات المذكورة والعقل يقسمه بحسب آثاره إلى جوهر قابل للابعاد نام حساس مدرك للكليات وإن كان تلبسه ببعض هذه الآثار كقبول الابعاد والنمو مستلزما لان يكون له وضع ومقدار وحيز وتلبسه بادراك الكليات لا يستلزم تلبسه بشئ من هذه الثلاثة فهو مدرك الكليات من حيث إنه مجرد عن هذه الثلاثة.
وهذا هو المراد بالمجرد عندهم فان المجرد بمعنى العريان وأرادوا به العاري عن هذه الثلاثة ثم لما جاز ان ينقلب الحيوان إلى امر آخر يكون فيه بعض صفات الحيوان دون بعض آخر منها كان مات الفرس مثلا فإنه يبقى فيه المقدار والشكل واللون دون النمو والاحساس.
فإذا انقلب الانسان إلى امر لا يبقى المقدار والوضع والتحيز ويبقى فيه ادراك