أقول الموت إن كان عبارة عن انصراف النفس عن عالم الطبيعة فلا بد منه في كل تعقل وادراك لمعقول لكن التعقل التام للمعقولات يلزمه الانصراف التام والتعقل الناقص يلزمه الانصراف الناقص وربما يكون النفس مجرده بجهة مادية بجهة أخرى ووحده النفس ليست كوحدة النقطة وأشباهها حتى لا يتحد بأشياء كثيره بل لها وحده جامعه لمقامات شتى وإن كان الموت عبارة عن فساد البدن عن قابلية تعلق النفس فليس ذلك شرطا في صيرورة النفس عقلا بالفعل ولا كونها عقلا بالفعل مما ينافي ان يدبر الجسم الطبيعي ببعض قواها التي هي بمنزله شعاع من نور العقل شبه ما كانت النفس أولا قبل الاستكمال سيما البدن الذي ضعفت قوته ووهنت مادته إذ يكفيه لمعه من نور العقل الفعال ا لا ترى ان النفس في حاله النوم مجرده عن البدن ولكن تدبر البدن ببعض قواها واما انكارها لاستحالة المادي إلى المجرد فمبناه على نفى الاشتداد للجوهر وقد أثبتناه فيما سبق بيانه.
واما قوله لو توقف ادراك الكليات على استحالة النفس إلى درجه العقل لم يترتب على النفس قبل ذلك.
فالجواب ما أشرنا إليه من أن المترتب عليها أولا قوه ذلك الادراك واستعداده و هذه القوة أعني قوه وجود العقل بمنزله فصل النفس كما أن قوه وجود الجسم بمنزله فصل الهيولى إذ النفس أولا عقل هيولاني ثم يصير عقلا بالفعل بعد استحالات كثيره لها في التجوهر النفساني.
ثم قال لا نسلم ان التركيب الحقيقي بين المجرد والمادي غير معقول إذا كان ذلك المجرد متعلقا به تعلق التدبير والتصرف كما بين النفس والبدن وكون كل منهما تحت جنس آخر لا يقدح فيه.
وليت شعري إذا لم يكن الاختلاف في الحقيقة مانعا من الاتصال الحقيقي في اجزاء الياقوت بل من الاتحاد في الوجود كما في المادة والصورة فلما ذا يمنع من التركيب الحقيقي.