ومنها ان القوم عرفوا الانسان بالحيوان الناطق وفسروا الناطق بمدرك الكليات وهذا التعريف لا يصدق على النفس المجردة وحدها وهو ظاهر ولا على البدن وحده لأنه ليس مدركا فضلا عن الكليات ولا على المجموع.
ومنها ان التركيب الحقيقي بين المجرد بالفعل والمادي بالفعل بحيث يكون مجموعهما أمرا واحدا طبيعيا هو نوع من أنواع الجسم غير معقول ولهذا أنكره السيد الشريف في حواشي حكمه العين مستدلا عليه بان كلا منهما واقع تحت جنس آخر أو النفس تحت الجوهر المجرد والبدن تحت المقارن فلا تركيب بينهما أصلا.
اللهم الا باعتبار عقلي ولو ساغ ذلك لجاز ان يكون العقل الفعال مع ما يفعله ويدبره أمرا واحدا بالحقيقة واما الذي تفصى به العلامة الدواني عن هذه الوجوه فغير سديد كما نذكره اما الذي أورده على الأول بقوله لا نسلم انه يصدق على مفهوم انا انه جالس بل ذكر الشيخ وغيره ان المشار إليه بانا هو النفس المجردة ووصفه بصفات الأجسام من حيث تعلقها بالجسم حيث يتوهم انها هو والاطلاقات العرفية لا يقتنص منها الحقائق ا لا ترى ان العرف يصف الباري تعالى بصفات الأجسام ويشير إليه حال التوجه إليه إلى السماء مع تنزهه عن الجهات وصفات الأجسام ففيه نوع مكابرة وان ارتكبه بعض الأكابر حتى صاحب الاشراق في المطارحات.
فان القول بهذه الاطلاقات كلها على الانسان مجازيه عرفية من النامي والمتحيز والماشي والاكل والمشتهي والنائم وغير ذلك مما يصادم الوجدان والبرهان جميعا اما الوجدان فظاهر فانا نجد من أنفسنا هذه الصفات والافعال الجسمانية واما البرهان فلان المشار إليه بانا انسان وكل انسان حيوان وكل حيوان جسم محمول عليه هذه الصفات بالحقيقة لا بالمجاز واما اجراء الصفات التشبيهية على الباري جل عزه فله خطب عظيم لا يعلمه الا الراسخون في علم التوحيد.
واما ما ذكره عن الوجه الثاني بقوله ان المعرف بالحيوان الناطق هو مجموع النفس والبدن فان هذا المجموع جسم كما حققه الشيخ في الشفاء انه جوهر يمكن