بالمهية وانها ليست موجودة بالفعل مخالف لبديهة العقل ولما حققه الشيخ وغيره من أن القسمة الفرضية المقدارية انما يكون إلى اجزاء متحدة المهية.
وبذلك أبطلوا مذهب ذي مقراطيس قال في إلهيات الشفاء الوحدة بالاتصال اما معتبره مع المقدار فقط واما ان يكون مع طبيعة أخرى إلى قوله لا ينقسم إلى صور مختلفه وكون الفلك والكواكب كلها متصلا واحدا ينافي ما حققه الحكماء من أن لكل كوكب حركه أخرى غير حركه فلكه.
وثالثها ان التركيب الاتحادي الذي ذكرتم غير معقول في الانسان لان نفسه التي هي صورته جوهر مجرد عن المادة كما ذهبت إليه الحكماء وبدنه جسم والتركيب الاتحادي بينهما مستلزم لتجرد الجسم أو لتجسم المجرد.
أقول انما يلزم ما ذكر لو كانت النفوس الانسانية مجردات بالفعل في أول تكونها وصيرورتها صوره نفسانية مدبره للمادة وليس كذلك بل النفوس بما هي نفوس جسمانية البتة ثم إذا استكملت وقويت في جوهرها تصير مجرده وهي بما هي صوره مجرده ليست مع البدن ومعنى قولهم الانسان حيوان ناطق أي حيوان من شانه ادراك المعقولات بالفعل لان كل واحد من افراده له ان يعقل صوره عقلية بالفعل فكل انسان هو عاقل ومعقول بالقوة فيكون مجردا بالقوة لا بالفعل والعاقل والمعقول امر واحد كما مر ولو كان تركيب الانسان من النفس والبدن كما توهمه الجمهور من مذهب الحكماء لزم منه أمور شنيعة منها انا نفهم ضرورة من ذاتنا المشار إليها بانا ومرادفاته معنى يصدق عليه انه المدرك للأشياء والمتحرك والجالس في المكان فإن كان هذا المعنى هو البدن لا يصدق عليه انه مدرك إذ الجسم بما هو جسم غير مدرك وإن كان هو النفس فلا يصدق عليه انه الجالس في المكان وإن كان المجموع فلا يصدق على مجموع مجرد ومادي انهما مدرك ولا جالس كيف والوحدة مساوقة للوجود بل هي عين الوجود فما لا وحده له لا وجود له.