إحديهما ان الموجودات كما مر متفاوتة في فضيلة الوجود فيكون بعضها في الكمالية بحيث يكون بوحدته عين معاني كثيره لا يوجد تلك المعاني برمتها في غيره الا متفرقة وبعضها ليس كذلك لنقصه في الوجود مثال الأول الانسان إذ قد يوجد فيه جمله ما يوجد متفرقة في الحيوان والنبات والجماد وثانيتهما ان التركيب قسمان أحدهما ان ينضم شئ إلى شئ آخر يكون لكل منهما ذات على حده وفي المركب كثره بالفعل كتركيب البيت من اللبنات ومثل هذا التركيب لا يكون تركيبه طبيعيا بل اما صناعي كالبيت واما اعتباري كالحجر الموضوع بجنب الانسان واما طبيعي بالعرض لا بالذات كتركيب بعض اجزاء الحيوان مع بعض كما ستعلم.
والثاني ان يتحول شئ في ذاته إلى أن يصير شيئا آخر ويكمل به ذاتا واحده فيكون هناك امر واحد وهو عين كل واحد منهما وعين المركب كالجنين إذا صار حكيما وبالجملة كل مادة طبيعية إذا تصورت بصوره جوهرية والتركيب في هذا القسم لا باس بان يسمى تركيبا اتحاديا.
وهذا لا ينافي قول الحكماء ان هذا المركب اجزاؤه خارجية ولا يبطل به الفرق بين البسيط والمركب ولا بين التركيب العقلي والخارجي فان هذا المركب يجوز لبعض اجزائه ان ينفرد في الوجود أي الذي بإزاء الجنس من الذي بإزاء الفصل بخلاف المركب العقلي فقط.
الا ترى ان اللونية لا يمكن وجودها مفارقه عن قابضية البصر ومفرقيته بخلاف الحيوانية إذ قد يكون لها وجود مفارق عن الناطقية وكذا الجسم النامي إذ قد يوجد في غير الحيوان مفارقا عن الحياة والحس.
والحجة على هذا الاتحاد كثيره أحديها صحة الحمل بين المادة والصورة كقولنا الحيوان جسم نام والنبات جسم والجسم جوهر قابل ومفاد الحمل هو الاتحاد في الوجود الا ان جهة الحمل والاتحاد غير جهة الجزئية والتركيب كما علمت في مباحث المهية.