وإذا كان هو مؤيس الآيسات فالتأييس لا من شئ متقادم فمؤيس الأشياء لا يحتاج ان يكون عنده صوره الأيس (1) بالأيسية.
قال لكنه عنده العنصر الذي فيه صور الموجودات والمعلومات كلها فانبعثت منه كل صوره موجودة في العالم على المثال في العنصر الأول وهو محصل الصور و منبع الموجودات وما من موجود في العالم العقلي والعالم الحسى الا وفي ذات العنصر صوره ومثال عنه انتهى.
أقول كلام هذا الفيلسوف مما يستفاد منه أشياء شريفة.
منها انه تعالى كان ولا شئ معه وسيكون ولا شئ معه ولا يبقى معه كما في قوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار.
ومنها ان الأثر الصادر عنه تعالى وجود الأشياء وأيسيتها لا مهيتها وعلم من قوله هو مؤيس الآيسات ان الوجود الممكني مجعول منه جعلا بسيطا وقد علمت ابتناء كثير من المقاصد التي منها حدوث الطبايع عليه.
ومنها ان العالم العقلي بكله جوهر واحد نشأ من الواجب بجهة واحده ومع وحدته فيه صور جميع الأشياء وهو المعبر عنه في لسان الفلسفة بالعنصر الأول و في لسان الشريعة بالعلم الاعلى إلى غير ذلك من الفوائد التي لو ذكرناها لطال الكلام.
ومن العجب انه نقل عنه ان أصل الموجودات الماء قال الماء قابل كل صوره ومنه أبدعت الجواهر كلها من السماء والأرض ولا يبعد ان يكون المراد به الوجود الانبساطي المعبر عنه في اصطلاحات الصوفية بالنفس الرحماني المناسب لقوله تعالى وكان عرشه على الماء.