لا يعد من الحكماء من ليس له قدم راسخ في معرفه الحقائق والحكمة من أعظم المواهب والمنح الإلهية وأشرف الذخائر والسعادات للنفس الانسانية وبها قيام العالم العلوي وابتهاجات جميع الموجودات.
ومن أعظم البلايا والرزية الاعراض عنها والجحود لها كما قال تعالى و من اعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى الآية و قوله كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وقد ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
واعلم أن الظن بأعاظم الحكماء وأساطينهم حسبما وجدنا من كلماتهم و آثارهم وقد اتفقت أفاضل كل عصر وزمان على فضلهم وتقدمهم وشهدت أماثل كل طائفة بزهدهم وصفاء ضمائرهم وانخلاعهم عن الحس وتجردهم عن الدنيا ورجوعهم إلى المأوى وتشبههم بالمبادئ وتخلقهم بأخلاق الباري انهم متفقون على اعتقاد حدوث العالم بجميع جواهره واعراضه وأفلاكه وأملاكه وبسايطه ومركباته الا ان هذه المسألة لغاية غموضها لم يكن لغيرهم من الباحثين والناظرين في كتبهم تحقيقها وفهمها على وجه يسلم عن التناقض والانحراف عن القواعد العقلية.
ولعمري ان اصابه الحق في هذه المسألة وأمثالها مع التزام القواعد الحكمية والمحافظة على توحيد الباري وتقدسه عن وصمه التغير والتكثر من قصوى مراتب القوة النظرية المجاورة للقوة القدسية.
ونحن نريد ان نذكر في هذا الموضع جمله من أقوال جماعه من الحكماء الأولين داله على أنهم قد أصابوا الحق في هذه المسألة شاهده بأنهم وافقوا أهل السفارة الإلهية في حدوث العالم ودثوره.
واعلم أن أساطين الحكمة المعتبرة عند طائفة ثمانية ثلاثة من الملطيين ثالس وانكسيمانس واغاثاذيمون ومن اليونانيين خمسه انباذ قلس وفيثاغورث وسقراط وأفلاطن وأرسطاطاليس قدس الله نفوسهم وأشركنا الله في صالح دعائهم وبركتهم