وهم وإزالة وليس لاحد ان ينكر وجود العشق الرباني والمحبة الإلهية في هذه الصور المفارقة لما بينا ان محبه العالي مركوزة في جبلة السافل (1) ولا له ان يقول المحبة لا توجب الوصول والا لما وجد في العالم محب مهجور ولو سلم الوصول فربما كان المطلوب نيل التشبه بالمعشوق أو القرب منه لا الوصلة والاتحاد.
لأنا نقول إن كل ميل أو شوق جبلي مركوز في قوة ذات الشئ فمعنى ارتكازه فيها هو ان يمكن لها بحسبه حصول ما يميل ويشتاق إليه إذا خلى وطبعه الا لمانع خارج عن هويه ذات الشئ.
ثم إن التخلف عن مقتضى ذات الشئ لمانع والحرمان عنه لا يكون الا في عالم الاتفاقات والأضداد وذلك أيضا يوجد في بعض أشخاص النوع المعوقة عما يقصده بحسب فطرتها الأولى من جهة خصوص هوياتها الجزئية على سبيل الشذوذ لا من جهة طبايعها النوعية فإنها أيضا منتهية إلى غاياتها واما ما ارتفع عن الكون فكل منه على مقتضى ما فطر عليه من غير تخلف عما يهمه ويطلبه.
وإذا ثبت هذا فقول القائل يجوز ان يكون المطلوب أمرا نسبيا كالتشبه أو القرب من المطلوب مدفوع بان هذه الأمور ان أريد بها نفس المعاني الإضافية فليس من المطالب الصحيحة إذ لا وجود لها استقلالا سيما في الذوات العالية وكذا ان أريد بها امر عرضي لان العرض أخس رتبه من أن يكون غاية ذاتية لأمر جوهري فان غاية الشئ ومطلوبه يجب ان يكون أعلى وأشرف منه.
والجوهر أي جوهر كان أشرف من العرض فلو كان كذلك لزم كون شئ واحد