قال وانما ثبات هذا العالم بقدر ما فيه من قليل نور ذلك العالم والا لما ثبت طرفه عين ويبقى ثباته إلى أن يصفى جزؤه الممتزج جزؤها المختلط فإذا صفى الجزء ان عند ذلك دثرت اجزاء هذا العالم وفسدت وبقيت مظلمة وبقيت الأنفس الدنسة في هذه الظلمة لا نور لها ولا سرور ولا راحه ولا سكون ولا سلوه.
وقال كل مبدع ظهرت صورته في حد الابداع فقد كانت صورته في علم الأول فالصور عنده بلا نهاية قال أبدع الواحد بوحدانيته صوره العنصر ثم العقل انبعث عنها ببدعة الباري فرتب العنصر في العقل ألوان الصور على قدر ما فيها من طبقات الأنوار وأصناف الآثار وصارت تلك الطبقات صورا كثيره دفعه واحده كما يحدث الصور في المرآة الصقيلة بلا زمان ولا ترتيب بعض على بعض غير أن الهيولى لا يحتمل القبول دفعه واحده الا بترتيب وزمان فحدثت تلك الصور فيها على الترتيب انتهى.
أقول قد علم من كلامه ان مذهبه دثور هذا العالم وفساده ونفاده واضمحلاله وزواله وظهر من كلامه أيضا ان علومه تعالى قديمه قائمه بذاته من غير لزوم تكثر في صفاته وان معلوماته حادثه لقيامها بالهيولى التي شانها القوة والاستعداد وقبول التغير والتجدد لصور الأجساد صوره بعد صوره.
ومن عظماء الحكمة وكبرائها انباذقلس وهو من الخمسة المشهورة من رؤساء يونان كان في زمن داود النبي ع وتلقى العلم منه واختلف إلى لقمان الحكيم واقتبس منه الحكمة ثم عاد إلى يونان.
نقل عنه أنه قال إن العالم مركب من الأسطقسات الأربع وانه ليس ورائها شئ أبسط منها وان الأشياء كامنة بعضها في بعض وأبطل الكون والفساد والاستحالة والنمو.
أقول ولكلا قوليه وجه صحه أشرنا إليه في رسالة اثبات الحدوث وكون الأفلاك عنصرية مما يمكن تصحيحه ولكن العناصر فيها على وجه أعلى وأشرف من ما يوجد في السفليات والى هذا المذهب مال بعض العرفاء الكاملين.
واما مذهب الكمون فليس معناه ما فهمه الجمهور من أهل النظر ان في النار