واعلم أن الغاية للطبيعة الجزئية أولا وبالذات طبيعة جزوية أخرى وهكذا إلى ما شاء الله والغاية في الطبيعة الكلية طبيعة عقلية أخرى فوقها بالعلية والشرف.
فإذا تقرر هذا فنقول ان لكل طبيعة حسية فلكية أو عنصرية طبيعة أخرى في العالم الإلهي وهي المثل الإلهية والصور المفارقة وهي صور ما في علم الله وكأنها هي التي سماها أفلاطن وشيعته بالمثل النورية وهي حقائق متأصلة نسبتها إلى هذه الصور الحسية الداثرة نسبه الأصل إلى المثال والشبح وانما هي تكون أصول هذه الأشباح الكائنة المتجددة لأنها فاعلها وغايتها وصورتها أيضا بوجه لان تلك الأصول الأعلون هي عقليات بالفعل وهذه لا يخلو عن القوة والامكان.
وهذه بحسب وجودها الكوني سالكه نحوها مشتاقة إليها فهي من حيث جزئيتها وتشخصها الزماني الاتصالي تنال منها شيئا فشيئا على التتالي حسب توارد الاستعدادات الزمانية فيحصل صورها على موادها حصولا بعد حصول على التدريج وذلك لان لكل صوره مفارقه شئونا وجهات ووجوها وحيثيات لا يحيط بها الا الله.
واما بحسب وجودها العقلي فهي واصلة إليها متحدة بها اتحاد ذي الغاية بغايتها عند بلوغ النهاية وتمام حركه واما تلك العقليات والمثل النوريات والعلوم الإلهيات فهي ابدا متصلة بفاعلها وغايتها ملاحظة لجمال باريها مستغرقة في بحر اللاهوتية مطموسة في نور الأحدية القيومية بحيث لم يرجع إلى ذاتها طرفه عين لان الامكان هناك لا يفارق الوجوب والقوة لا يباين الفعلية والنقص لا يخلو عن التمام.
فهي ابدا مستهلكة الذوات في ذات الحبيب الأول لا فرق بينهم وبين حبيبهم كما ورد في الحديث القدسي ولا مجال لهم في الأنانية والغيرية.
واما إبليس وجنوده وهم أصحاب الأوهام والاحتجابات فليسوا منهم ولا من طبقتهم والا لما وقع منهم الافتخار والأنانية والإباء عن السجود لان لكل من العالين سجود وركوع وخضوع